عُرف الصينيون القدماء بالطب، منذ آلاف السنين، والذي كان واحداً من أقدم الأنظمة العلاجيّة عبر التاريخ، وتمّ تطبيقه بشكل عمليٍّ وتطويره باستمرار على مر العصور. ويستخدم مُمارِسو الطب الصيني طبّ الأعشاب والعديد من تدريبات الجسم والعقل لعلاج المشاكل الصّحيّة ومنع حدوثها. وبرعوا في صناعة الأدوية للكثير من الأمراض التي هددت الإنسان، وكانت تشكل هاجساً لصحة البشرية جمعاء. وأخذ الطب يتطور عندهم من الممارسات الشعبية إلى الممارسات العلمية المعرفية، فقد اعتمد الصينيون على العلوم المختلفة وطوروا البحث العلمي في معظم التخصصات الطبية. ولحاجتهم الماسة لتطوير نظم الرعاية الصحية، نظراً للكثافة السكانية الكبيرة، عملوا بشكل مستمر على تطبيق الممارسات الشعبية التي كانت سائدة في بلادهم لمئات السنين، وتحويلها إلى ممارسات رافدة للمعرفة العلمية المتقدمة والخبرات الدولية التي تعتمد على الأساليب العصرية والذكاء الاصطناعي. كما برع الصينيون في زراعة الأعضاء البشرية للمصابين، وحققوا تقدماً علمياً في زراعة الكبد، ووصلت نسبة نجاح عمليات الزراعة إلى أكثر من 90%، الأمر الذي جعل كثيرين حول العالم يلجؤون إلى الصين أملاً في نجاح عمليات مرضاهم. ملف الرعاية الصحية كان من بين الملفات والمجالات المفتوحة بين الإمارات والصين لتحقيق الاستفادة القصوى بين الجانبين وتبادل الخبرات والمهارات وذلك جانب يسير من بين الجوانب الهامة والحيوية التي ستحقق بفضل الشراكات الاستراتيجية الشاملة بين البلدين. ولم تكن الخدمات الصحية هي الوحيدة التي حققت قفزات كبيرة في الصين، وإنما هناك أيضاً قطاعات أخرى أكثر حيوية جعلت أنظار العالم تتجه إلى الشرق، وحبست أنفاس العالم بالتطور الاقتصادي الهائل الذي تحقق في غضون فترة وجيزة، واستطاع أن يغير المستوى المعيشي لمئات الملايين من الناس. وكل هذا يصب في صالح الملفات المشتركة في علاقات التبادل والتعاون بين كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، وهو ما حفز وعزز فرص خلق الشراكة الاستراتيجية بينهما، وسيفتح آفاقاً مستقبلية لتطويرها، وتمكين الشعبين الصديقين من الاستفادة منها، كما ورد في البيان المشترك بعد انتهاء زيارة الرئيس الصيني «شي جي بينغ» إلى الإمارات، والتي كانت إحدى أهم الزيارات التاريخية بين الجانبين، وتم على إثرها إطلاق شراكة بمفهوم واسع وسقف تطلعات مفتوح في عدة مجالات حيوية، منها المجال التعليمي والعلمي والتكنولوجي، مما يشجع الجانبين على إقامة المشاريع التعليمية المشتركة بين المؤسسات التعليمية والتربوية في البلدين ضمن مختلف المراحل الأكاديمية. ويدعم هذا تعزيز التعاون في الإبداع العلمي والتكنولوجي في إطار «برنامج الشراكة بين الصين والدول العربية في العلوم والتكنولوجيا»، وتشجيع العلماء الشباب الإماراتيين المتفوقين على إجراء بحوث علمية قصيرة المدة في الصين، وتعميق التعاون بشأن مركز نقل التكنولوجيا بين الصين ودولة الإمارات، بما يعزز الاستخدام النموذجي للتكنولوجيا الحديثة والقابلة للتطبيق ونشرها بأيسر وأنجح السبل. هذا عدا عن المجالات الأخرى، والأكثر أهمية، كالاستخدام السلمي للطاقة النووية، والفضاء، ومجالات الطاقة والطاقة المتجددة، والتنمية المستدامة، والزراعة والبيئة، والتنمية الحضرية، والرعاية الصحية المتقدمة، وتبادل المعلومات والبحوث، وتعزيز التواصل الفني وتبادل البعثات بين المؤسسات التعليمية في البلدين.