الضربات الإسرائيلية التي قتلت 7 من عمال الإغاثة ليلاً أثناء محاولتهم تجنب وقوع مجاعة في قطاع غزة ستثير الكثير من النقاش، غير أن هناك 3 نقاط تبدو واضحة بالنسبة لي.

أولاً، أعمال القتل هذه تعزّز الانتقادات الواسعة بأن القوات الإسرائيلية يبدو أنها تتصرف في كثير من الأحيان بتهور في غزة، من دون اكتراث للخسائر في صفوف المدنيين. وقد كانت الوفيات الأخيرة غير مألوفة على اعتبار أنها شملت أجانب، بل إن من بينهم أميركياً أيضاً، غير أنه ليس هناك أي جديد في قتل غارات إسرائيلية لعمال الإغاثة في غزة: إذ تقول الأمم المتحدة، إن 196 من العاملين في المجال الإنساني على الأقل قُتلوا في غزة والضفة الغربية منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر2023.

ثانياً، هذه المأساة ستؤدي إلى تفاقم أزمة الجوع في غزة، والتي بدأت تؤدي إلى الموت جوعاً وتنذر بحدوث مجاعة وأوبئة. والنتيجة هي أنه في الوقت الذي تلوح فيه المجاعة في الأفق ويموت الأطفال، فإن الجهود الدولية الرامية إلى تخفيفها قد تتقلص بدلاً من أن تتضاعف. ثالثاً، مصداقية إسرائيل ستتلقى ضربة أخرى، ومعها مصداقية أميركا. والواقع أن بعض عناصر السردية الإسرائيلية دقيقة تماماً: ف«حماس» هي التي بدأت الجولة الأخيرة من القتال وتستخدم المدنيين كدروع بشرية. غير أن إسرائيل تؤكد أيضاً أنها تفعل كل ما بوسعها من أجل تقليل الخسائر في صفوف المدنيين، وأنه من الصعب الجدال في هذه الحالة – وهذا أيضاً مصدر إحراج لإدارة بايدن، التي توفّر تدفق الأسلحة بشكل مستمر لمثل هذه الغارات الجوية (على الرغم من أن مصدر الأسلحة التي قتلت هؤلاء العمال السبعة يظل غير واضح في الوقت الراهن).

الأشخاص السبعة كانوا يعملون مع منظمة «وورلد سنترال كيتشن»، وهي منظمة خيرية أسّسها الطاهي خوسيه أندريس، وكانوا على متن سيارات تحمل علامات واضحة. وقالت المنظمة غير الربحية، التي علّقت جهودها الإغاثية في غزة في الوقت الراهن، إنها حصلت على تصاريح بشأن تحركاتها من السلطات الإسرائيلية، كما أفادت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية بأن المركبات تعرضت للضرب على امتداد كيلومترين، ما يعني استهدافها بضربات متعددة وليس بمجرد صاروخ واحد خاطئ. وفي الأثناء، وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإجراء تحقيق. مقتل عاملين في المجال الإنساني يضع منظمات الإغاثة في وضع مستحيل. ذلك أن المنظمات تركز على تخفيف المعاناة، ولكن عليها في الوقت نفسه أن تكون حريصة على سلامة موظفيها.

والحال أنه إذا استمرت إسرائيل في قتل عمال الإغاثة بهذه الوتيرة، سيكون من الصعب جداً توزيع المساعدات على الأشخاص الذين يحتاجون إليها. وعليه، فقد يكون من الضروري على نحو متزايد وجود عمال إغاثة مدربين لتوفير أغذية طارئة خاصة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد. ولكن كل ذلك بات غير مؤكد الآن. وفي الأثناء، أخذت إدارة بايدن تصدر تصريحات أكثر حزماً وصرامة بشأن الوضع في غزة، ولكن يبدو أن الرئيس جو بايدن لا يزال غير مستعد لاستخدام نفوذه للضغط على إسرائيل من أجل التخفيف من حدة الأزمة. فقد أشار موقع «بوليتيكو» الإخباري يوم الاثنين إلى أن الحكومة الأميركية تدرس بيع أسلحة جديدة لإسرائيل.

*كاتب وصحافي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»