هذا الأسبوع، صدرت عن شركة «فيسبوك» سلسلة من التصريحات الجديدة الأكثر غرابة من سابقاتها. ورداً على مخاوف متزايدة عبرت عنها عدة منظمات لحماية الحقوق المدنية، بما فيها المعهد العربي الأميركي الذي أديره، والمتعلقة باستخدام موقع الشركة من طرف مجموعات تسعى لنشر الكراهية والتعصب، بالإضافة لتهديد المسلمين السود والمسلمين بشكل عام والعرب وبقية مجتمعات الأقليات، قال مديرون تنفيذيون في شركة «فيسبوك» إنهم طلبوا من «لورا مورفي» المديرة السابقة لمكتب واشنطن التابع لـ«الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» ACLU، بإجراء «مراجعة دقيقة حول تأثير موقع «فيسبوك» على المجتمعات الأقل تمثيلاً من الناحية السياسية ومجتمع الأقليات الملوّنة. والشيء المثير للإزعاج هو أن «فيسبوك» عمدت في الوقت ذاته إلى توظيف السيناتور السابق «دون كيل» لإجراء مراجعة تدقيقية مشابهة ردّا على اتهامات تقول إن «فيسبوك» يتخذ موقفاً ليبرالياً متحيزاً ضد أصوات المحافظين. وإذا كان من حق الشركة توظيف من تشاء لإنجاز أي عمل، فإن عمليتي المراجعة تعتبران بحد ذاتهما إهانة للمجتمعات التي تعاني من كراهية المتطرفين على صفحات «فيسبوك». وهي تعّدّ أيضاً إساءة متعمدة لعام من الجهود التي قامت بها منظمات الحقوق المدنية من أجل الحصول من «فيسبوك» على التزام بمعالجة تلك المخاوف. ويضاف إلى ذلك، القلق الذي يترتب على اختيار «كيل» لإجراء عملية التدقيق على التوازي مع تلك التي أسندت إلى «مورفي». وبينما يحرص «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» حرصاً شديداً على تكريس حرية التعبير من الجناحين اليساري واليميني للطيف السياسي في الولايات المتحدة، فإن اسم «كيل» ارتبط بسوء السمعة بسبب ارتباطاته بجهات وأجنحة حزبية تحرض على عداء المسلمين وتقف ضد سياسات الهجرة. وخلال فترة اعتداءات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، بدا «كيل» بمظهر الرجل المتحمس المستعد لتسخير كل جهوده في معاداة العرب والمسلمين، وأن يكون ضد المبادرات الإنسانية المتعلقة بملف الهجرة. وفي عام 2001 أيضاً، استغل منصبه كرئيس للجنة مجلس الشيوخ الفرعية المعنية بالإرهاب والتكنولوجيا والأمن الوطني لتوجيه النقد الشديد للملكة العربية السعودية في إحدى الجلسات. وشارك في تلك الجلسة ثلاثة مؤلفين للكتب المتعلقة بتك الأحداث، كان أحدهم ذات مرة سفيراً سابقاً لإسرائيل في الأمم المتحدة، والذي ألّف كتباً ناريّة تنضح بالحقد على السعودية. وبالإضافة لتمسك كل واحد من هؤلاء الكتاب المتطرفين بكره كل ما هو سعودي، فلقد كانت تجمع بينهم حقيقة واحدة وهي أن أياً منهم لم يقم بأي زيارة إلى المملكة العربية السعودية في حياته. وفي نهاية جلسة الاستماع اتضح أنها لم تكن أكثر من دعوة للتحريض والافتراء بدلاً من أن تكون مصدراً للمعلومات الموثقة. وفي عام 2009، حاول «كيل» تشريع سلسلة من الإجراءات المضادة للعرب. وبحيث يتم اعتمادها في مشروع قانون الميزانية لذلك العام. وكان أحد تلك الإجراءات مثيراً للمشاكل لأنه يطالب «بأن لا يكون أي من صناديق المساعدات التي يتضمنها قانون الميزانية مخصصاً لإعادة توطين فلسطينيي غزة في الولايات المتحدة». وكانت توصيات «كيل» وليدة «نظرية المؤامرة» التي كان لأتباعها صولات وجولات على المواقع الإلكترونية المؤيدة للأجنحة الحزبية اليمينية. وتقول تلك النظريات إن أوباما أصدر أمراً تنفيذياً سرّياً يقضي برصد مبلغ 20.3 مليون دولار لبناء منشآت لاستقبال المهاجرين من غزة إلى الولايات المتحدة، وبالرغم من أن هذه القصة ملفقة جملة وتفصيلاً؛ لأنه لم هناك أمر تنفيذي قد صدر بهذا الشأن، فإنه نشر في العديد من المواقع الإلكترونية اليمينية المضادة للعرب. ولا يزال «كيل» يعتقد أن هذه القصة صحيحة وهو مصمم على التمسك بتوصياته. ولكن، وبعد أن أكد له زملاؤه أنها ملفقة، اقتنع بذلك وألقى بتوصياته في سلة المهملات.