يتجه موقع بلومبيرج إلى حظر الاشتراك غير المدفوع، وإذا حدث ذلك، فلا يمكنني القول إنني سأفاجأ. عندما أعلنت أنني سأترك العمل في «بلومبيرج فيو» للعمل في قسم الرأي بصحيفة «واشنطن بوست» في فبراير الماضي، عاتبني قرائي برفق لأنني بصدد الكتابة في صحيفة تحظر الاشتراك غير المدفوع، إذ كيف أقصي نفسي عن القراء بهذه الطريقة؟ هل كنت متعجرفة لدرجة الاعتقاد أنه يجب عليهم دفع اشتراك مقابل الحصول على امتياز قراءة مقالاتي؟ لم أستطع لومهم على انزعاجهم؛ فبعضهم، على أي حال، يقرأ مقالاتي منذ أن كنت مدونة صغيرة مبتدئة. لقد منحني الإنترنت المفتوح مهنتي، ولسنوات، رددت هذا الجميل عن طريق البحث عن أصحاب العمل الذين جعلوني أواصل الكتابة مجاناً لقرائي. وكنت أؤمن حقاً بشعار «المعلومات تريد أن تكون حرة». وبحلول الوقت الذي كانت فيه «واشنطن بوست» تقترب مني، كنت قد خلصت بالفعل إلى أن المعركة من أجل الإنترنت المجاني هي معركة خاسرة. وإن عاجلاً أو آجلاً، سيقوم كل شخص في هذه الصناعة بوضع محتواه خلف جدار الاشتراك. وبشكل عام، يجب أن تكون على يقين أن هذا سيحدث «عاجلاً» وليس «آجلاً». وهذا الأسبوع، أصبحت مجلة «فانيتي فير» هي الأخيرة في سلسلة طويلة من المطبوعات التي تقول «إذا أردت أن تقرأنا، عليك الاشتراك». وكما أشار «جاي روزين»، أستاذ الصحافة بجامعة نيويورك، على تويتر، فإن بلومبيرج لديها بالفعل «واحد من أكبر أجهزة الدعم التي تم اختراعها على الإطلاق»: الخدمات المهنية (أو المحطات) التي تبيعها للشركات المالية بتكلفة تبلغ 20.000 دولار للمستخدم سنوياً. فإذا كانوا ما زالوا يريدون حظر الاشتراك غير المدفوع، فينبغي أن نكون متشائمين بشأن إمكانية أن يستفيد أي شخص آخر يعمل في مجال الأخبار من نموذج «المحتوى المجاني». إذن، فكيف ستنجح صناعتي في العمل لفترة طويلة؟ الإجابة هي أننا لم نفعل أي شيء، في الواقع، وهذا هو السبب في أن العديد من الصحف والمجلات تكافح للبقاء على قيد الحياة، وأن العديد من الإصدارات على الإنترنت تستهلك أموالاً من الإنترنت، بينما تبحث عن نموذج عمل قابل للتطبيق. والسؤال الأكثر إثارة للاهتمام هو: لماذا لا نستطيع أن نجعل الأمر ينجح؟ والإجابة لهذا السؤال تكمن في هيكل العمل الإعلامي التقليدي. إن منتقدي «وسائل الإعلام الرسمية» (أو «وسائل الإعلام التقليدية») يحبون القول بأن المنافسة بين القادمين الجدد من «وسائل الإعلام الجديدة» ستأخذنا خارج العمل. وفي الواقع، كمدونة شابة، كان بإمكاني إصدار بعض هذه الإعلانات. بيد أني وهؤلاء النقاد كنا مخطئين. فالصحافة التقليدية يمكن أن تنجو من المنافسة بالنسبة للقراء دون مشاكل. إنها منافسة الشركات المعلنة هي التي تقضي علينا. ولأكثر من قرن من الزمان، كانت المجلات والصحف هي ما يعرف بـ«السوق ذات الوجهين»: لقد قمنا ببيع الاشتراكات لك، أيها القارئ، وبمجرد اشتراكك، نكون قد سلمناك لشركات الإعلانات. وكان هذا ضرورياً لأنه، ومن دون علمك، فإن أموال اشتراكك غالباً لا تغطي تكلفة الطباعة والتوزيع. ونادراً ما تتم تغطية هذا كثيراً، إذا كانت هناك أي تغطية، لتكلفة إعداد التقارير وكتابة القصص المطبوعة على هذه الصفحات. وربما تندهش من مدى تكلفة إعداد قصة بسيطة نسبياً. لكن لا بأس، لأننا كنا نسيطر على خط اتصال له قيمة للقارئ. لقد حصلتم أيها الرفاق على الصحافة مقابل تكلفة زهيدة، وحصلت الشركات المعلنة على الفرصة لإطلاعكم على حزمة الحوافز الرائعة المتاحة للمشترين المؤهلين لشراء سيارة شيفورليه إمبالا الجديدة عام 1985. ثم جاء الإنترنت، وفجأة، لم نعد نملك خط الاتصال الوحيد بعد الآن. فأي شخص يمكنه إنشاء صفحة على الإنترنت. وعلى مدى عشرين عاماً الماضية، قام الجميع بذلك، أكثر بكثير مما يمكن أن يدعم الطلب الفعلي للمعلن. والشركات التي فازت بهذه الفرصة لم تكن الأسماء القديمة الموقرة ذات الخبرة الطويلة في تزويج الإعلانات مع المحتوى الجذاب. ولم تكن أيضاً شركات الإعلام الجديدة بألويتها المحمومة من الموظفين الشباب. والشركات الفائزة – وهي في الغالب جوجل وفيسبوك – حصلت على المحتوى مجاناً من مستخدميها. يقول الخبير الاقتصادي «هيربرت شتاين»: «إذا كان هناك شيء لا يمكن أن يستمر طويلاً، فإنه سيتوقف». إما أن نجد شخصاً آخر للدفع مقابل الحصول على الأخبار والرأي ورسوم الكاريكاتير التي تستهلكها، أو أن نخرج من العمل. ولا يجب أن يكون هذا الشخص هو القارئ. فبعض الصحافة يمكنها العمل بالخسارة مثل العمل في المؤتمرات، أو أي منتج آخر ذي صلة، مثل الكتب. وخارج نموذج «العمل بخسارة»، هناك خيارات أخرى قليلة: يمكن تمويل إعداد التقارير من قبل المانحين كمشروع خيري؛ وبعض صحافة المنتجات الاستهلاكية يمكنها دعم نفسها من خلال البرامج التابعة التي تقدم مكافآت لبيع البضائع؛ وهناك بعض الكتابة التي يمكن دعمها من خلال «الإعلانات المحلية» في الصحافة.. وكل نماذج العمل هذه يمكن أن تنتج صحافة جيدة. وفي حين أن كتابة الرأي مهمة للغاية، فإنها ليست العمل الوحيد المهم للقيام به، حيث إن إعداد التقارير أهم. بيد أن الصحافة الممولة من المانحين تميل لأن تكون أيديولوجية إلى حد كبير، حيث يبحث المانحون عن القصص التي تطري على آرائهم وتخلق «تأثيراً» سياسياً أبعد من إطلاع القراء على الأحداث. ولسوء الحظ، فإن معظم القراء اعتادوا الحصول على الأخبار مجاناً ويستاؤون من مطالبتهم بالدفع. ورغم أن الكثير من المعلومات ينبغي أن تكون مجانية، فإن الكتاب يريدون الحصول على أموال. ميجان مكاردل كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»