لماذا تعد التعريفة الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب صفقة سيئة بالنسبة للاقتصاد الأميركي؟ إنها كذلك، ليس فقط لأنها ربما تطلق حرباً تجارية، ولكن أيضاً بسبب نظرية الضرائب. معظم نظريات الضرائب مملة بشكل لا يصدق، وهي غالباً ما تنطوي على عمليات حسابية معقدة جداً تصف مفاهيم مجردة للغاية. والعديد من النظريات التي تزعم أنها تسفر عن الضريبة «المثلى» تكون مثالية في عالم لا يشبه العالم الذي نعيش فيه. ومع ذلك، فثمة بعض الأفكار الهامة التي يمكن اكتسابها من نظرية الضرائب. وإحدى هذه الأفكار هي أنه لا يجب فرض ضرائب على السلع الوسيطة، أي الأشياء المستخدمة لإنتاج أشياء أخرى أكثر تعقيداً. في عام 1971، أدرك خبيرا الاقتصاد «بيتر دياموند» و«جيمس ميرليس» أنه في ظل ظروف معينة، من المنطقي عدم فرض ضرائب على هذه الأشياء إطلاقاً. والسبب هو أن فرض ضرائب على المدخلات يجعل الشركات تقلل الإنتاج، وخفض الإنتاج يعني وجود كعكة اقتصادية أصغر لتقسيمها. والأفضل، بحسب ما خلص دياموند وميرليس، هو السماح للشركات بإنتاج أكبر قدر ممكن من هذه الأشياء، ثم التركيز على تقسيمها بين المستهلكين. والنتيجة التي توصل إليها دياموند وميرليس لا تتحقق بشكل مثالي إلا في إطار نموذج اقتصادي غير واقعي. لكنها توفر البداهة القوية التي استخدمتها بعض الدول لتصميم نظمها الضريبية. فالعديد من الدول، وكذلك الاتحاد الأوروبي، تطبق ضريبة القيمة المضافة «فات»، التي تسمح للشركات بخصم تكلفة سلعها الوسيطة عند دفع الضرائب. لذلك، فـ«فات» هي ضريبة على القيمة التي تصل إلى المستهلك في النهاية. وقد تختار الولايات المتحدة تطبيق ضريبة القيمة المضافة. لكنها تحت رئاسة ترامب تفعل العكس تماماً. فمعظم التعريفات التي يفرضها ترامب تقع مباشرة على المدخلات التي يحتاجها المصنعون الأميركيون لتصنيع منتجاتهم. ووفقاً لحسابات «تشاد براون»، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فإن معظم الواردات الصينية التي يهدد ترامب بفرض رسوم عليها، هي أشياء يستخدمها المنتجون الأميركيون لإنتاج سلع أخرى. لذلك فهذه الرسوم أخبار سيئة بالنسبة للشركات الأميركية، إذ أن الشركات المصنعة قد تكون الأكثر تضرراً. وهذا سيكون جرحاً ذاتياً آخر أحدثته إدارة تم انتخابها على أساس وعود بإحياء شعار «صنع في أميركا». وربما كانت الحزمة السابقة من الرسوم التي فرضها ترامب على الصلب والألمنيوم عاملاً أساسياً وراء ارتفاع الأسعار التي تسددها المصانع الأميركية مقابل الحصول على هذه المعادن. قد تكون نظرية دياموند وميرليس هي مجرد بعض العمليات الحسابية المجردة على الورق، لكن الرؤية حقيقية ومهمة؛ فإذا كنت تريد إعطاء التصنيع الأميركي دفعة، فلا تستخدم الضرائب لحرمان المصانع الأميركية من المواد والمعدات التي تحتاج إليها. وهناك فكرة أخرى مقتبسة من كتاب دياموند وميرليس، وهي تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الولايات المتحدة. فهذه الضريبة هي شكل عالي الكفاءة من أشكال الضرائب. إنها الضريبة تميل في الحالة الأميركية إلى الإضرار بالفقراء أكثر من الأغنياء، لأنها تشبه ضرائب الاستهلاك، والفقراء يستهلكون نسبة أعلى من دخلهم. بيد أن هذا يمكن حله من خلال استخدام «فات» لتمويل الرعاية الصحية والإعانات السكنية وغيرها من الخدمات المقدمة للأميركيين الفقراء. نوح سميث أستاذ مساعد في العلوم المالية بجامعة ستوني بروك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»