حين اعتزم أندريه بفيلاكوا شراء مسدس العام الماضي، دخل المحامي المقيم في ريو دي جانيرو غابة مطيرة من المحاذير والقيود التي يفرضها النظام البيروقراطي البرازيلي. وبعد ذلك بعام، وبعد استقصاءات لا تنتهي، ورسوم كبيرة، وفحص جنائي وتقييم نفسي، وامتحان تحريري، واختبار على التصويب، وزيارة للمنزل ثلاث مرات من مفتشي الأسلحة النارية، أجازت القوات المسلحة في النهاية عملية الشراء. وهكذا يسير البرازيليون الملتزمون بالقانون في البرازيل في طريق الآلام ذاك الذي تجبرهم الحكومة على سلوكه باسم السلامة العامة، بينما يستطيع المجرمون حمل السلاح دون عراقيل في واقع الحال. والبرازيليون العاديون لا يشكون من العراقيل، لأنهم يعلمون أن مسدساً في كل منزل ليس وسيلة ناجعة لوقف نزف الدماء الذي جعل المنطقة تتصدر مكانة بارزة في العنف العالمي باستخدام الأسلحة النارية. فأميركا اللاتينية بها 43 من 50 مدينة في العالم بها أعلى معدل للقتل، ويوجد في البرازيل منها 19 مدينة. وربما حصد الإرهاب الدولي أرواح أكثر من 3300 شخص في العالم في النصف الأول من عام 2015، لكن البرازيل تفوقت على هذا العدد في ثلاثة أسابيع فحسب. وسجلت البرازيل أعلى عدد من القتلى بين جميع الدول في ذاك العام حيث بلغ العدد 60 ألفا. وهذه الأرقام وحدها كافية، لأن تدفع إلى الحاجة إلى قوانين أشد صرامة في الحصول على المسدسات. ومن ثم، فمن الصعب الترويج للمقترحات الحالية التي يؤيدها مدافعون عن امتلاك السلاح، وعدد قليل من السياسيين الذين يريدون جعل البرازيل أكثر أمناً من خلال تخفيف القيود على امتلاك الأسلحة. ويؤكد دانيال سيركويرا الخبير في العنف الجنائي في معهد أبحاث الاقتصاد التطبيقي في البرازيلي أن «انتشار المزيد من الأسلحة يعني المزيد من الجرائم التي سببها المسدسات». وفي دراسة على المناطق العشوائية في «ساو باولو»، توصل سيركويرا إلى أن كل زيادة بنقطة مئوية واحدة في انتشار الأسلحة يتمخض عنها زيادة بنقطتين مئويتين في عمليات القتل. لكن العلاقة بين المسدسات المملوكة بشكل قانوني وجرائم العنف أكثر تعقيداً. فمعظم الأسلحة التي تتم مصادرتها في الأعمال الإجرامية في البرازيل، ينتهي بها الحال إلى أيدي الخارجين على القانون. ووضع قيود على بيع المسدسات تجارياً لا يؤثر على وقف تسربها إلى عالم الجريمة، ولا يعالج فيما يبدو المشكلات الأوسع نطاقاً مثل تهريب الأسلحة والعصابات الإجرامية عابرة الحدود، خاصة ضباط الشرطة الفاسدين الذين يغذون السوق السوداء. فقد أعلن وزير العدل «توركواتو جارديم| أن«قادة الشرطة شركاء في الجريمة المنظمة» .ويتعين الانتباه إلى عاملين آخرين في الجدل العام بشأن الأسلحة والعنف، وهما الاتساق الإداري والصحة المالية. ويتفاوت توافر هذين العاملين بشدة في ولايات البرازيل وغيابهما قد يؤدي بمناطق كاملة إلى الاضطراب والخوف والمحن الاقتصادية. فقد انخفضت عمليات القتل بشدة في مناطق«ساو باولو»، التي ينتظم فيها الإنفاق العام وحصول الشرطة على رواتبها، والتي اتسقت فيها سياسات واستراتيجية الحكم في العقدين الماضيين. وهذا في مقابل ولاية ريو دي جانيرو التي دأبت فيها الطبقة الحاكمة المبذرة والفاسدة على نهب أموال الولاية، ما أضر بشدة بالخدمات العامة، وأدى إلى عدم القدرة عن دفع أجور أفراد الشرطة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات القتل في«ريو» بعد ما يقرب من عقد من انخفاض معدلات العنف. وربما يكون العنف باستخدام المسدسات وباء قومياً لكن حصيلة القتلى تتوزع بشكل غير متساو في بلاد مقسمة على أساس الطبقة والعنصر والعمر والنوع. والقتل، في البرازيل كما هو الحال في معظم الدول، مرض منتشر بين الشباب وضحاياه وجناته من السود والفقراء بشكل غير متناسب. وهي مشكلة لا يستطيع حلها قانون واحد يناسب الجميع بشأن الأسلحة النارية. لكن البرازيليين مازالوا بحاجة إلى نزع الأسلحة. فقد قال أنطونيو كارلوس كاربالو عقيد الشرطة المتقاعد، « جميعنا يعيش حالة من القلق وسوء التفاهم والخوف من الممكن بسهولة أن تنفجر في صورة مواجهة والمزيد من المسدسات يعني المزيد من الفجائع».فعدم الثقة في قوات الحكومة هو ما دفع البرازيليين لرفض حظر على مبيعات المسدسات المتداولة تجارياً في استفتاء أجري عام 2006، وليس ولعهم بامتلاك الأسلحة هو ما دفعهم إلى الرفض. وهذا تحد كبير لا تستطيع لوائح البيروقراطيين البرازيليين وحدها إصلاحه. ماك مارجوليس كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»