في الاجتماع الذي اختتم مؤخراً للمؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني، برز الرئيس «شي جينبينج» باعتباره أقوى زعيم صيني بعد أن تمكن من الحصول على ولاية ثانية كأمين عام للحزب. ويشغل الرئيس «شي» بالفعل منصب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الرفيع بالإضافة إلى أنه رئيس الصين. وهو الآن يوصف بأنه «الزعيم الأهم» بسبب سيطرته على الحكومة والجيش والحزب. ويعرف الرئيس «شي» بأنه «أمير لينج»، لأنه ابن أحد الآباء المؤسسين للحزب الشيوعي والذي كان أيضاً نائب رئيس مجلس الدولة. وعلى الرغم من أن والده قد سجن وأطيح به من الحزب خلال الثورة الثقافية، إلا أن «شي جينبينج» استمر في الحزب، وتدرج في المناصب إلى أن أصبح الآن أقوى زعيم في الحزب. وفي كلمته المطولة في المؤتمر الوطني، تحدث «شي» عن أهمية جعل الشركات المملوكة للدولة أقوى وأكثر كفاءة، بالإضافة إلى الاتجاه نحو وضع لوائح أكثر صرامة للبنوك، ووعد بـ «دعم نمو الشركات الخاصة». وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية الصينية، وصف «تشي» الصين بأنها «قوة عظمى»، وسلط الضوء على مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» لبناء الطرق، والسكك الحديدية وغير ذلك من مشروعات البنية التحتية. ووعد «شي» بتعزيز الجيش الصيني، بما في ذلك زيادة الكفاءة والابتكار في الأسلحة، مشيراً إلى عزم الصين لمواصلة بناء مزيد من الجزر في بحر الصين الجنوبي. ومن الممكن وصف انتخاب «شي» بأنه من أهم الأحداث، ليس فقط بالنسبة للصين بل أيضاً للعالم لأنه سيحدد كيفية تعامل الصين مع العالم. لقد كان الصعود الحازم للصين مصدر قلق لا سيما بالنسبة لآسيا، حيث كانت الصين تتسم بالعدوانية في النزاعات الإقليمية مع دول مثل الفلبين وفيتنام. وتسبب موقف الصين في هذه المطالبات حالة من عدم الارتياح في آسيا وما وراءها، حيث تراقب الولايات المتحدة عن كثب صعود الصين بقلق. وما أثبته المؤتمر الوطني الصيني من خلال منح «شي» ولاية ثانية هو أنه لا يوجد منافس له في القيادة الصينية، وأنه سيكون لديه الآن مجالاً أكبر في إدارة الحكومة بدءاً من إدارة القضايا الداخلية مثل دفع الاقتصاد إلى إدارة السياسة الخارجية للصين. وقد أوضح بالفعل أن صعود الصين لن يتوقف وأنها ستصبح قوة عسكرية عظمى. وقد تعهد بالميكنة الكاملة لجيش التحرير الشعبي بحلول عام 2020، والتحديث الكامل للقوات المسلحة والدفاعات الوطنية بحلول عام 2035، وتحويل الجيش الصيني إلى «قوة عالمية» بحلول عام 2050. ورغم ذلك، فمن الجدير بالذكر أن عامل الحسم الأساسي هو أن الزعيم الصيني بلا منازع قد حافظ أيضا على أن يكون للحزب الشيوعي السيطرة الكاملة على الجيش. كما أكد أن كبار المسؤولين العسكريين عليهم الإصغاء للحزب الشيوعي. وليس هناك شك في أن «شي» هو زعيم فعال حاول دفع النمو الاقتصادي بينما كان يحاول جعل الصين قوة عظمى. وخلال فترة ولايته الأولى، قام بخطوات جريئة وحازمة للقضاء على الفساد في النظام من خلال حملة لمكافحة الفساد، ونظّم الجيش، وأجرى إصلاحات في النظام القضائي الصيني، وفي الوقت نفسه، ركز على تعزيز بيروقراطية بكين. ولكن الآن وقد أصبح الزعيم المطلق، فإنه يواجه أيضاً الكثير من التحديات. ولابد من مساءلته عن أي إخفاقات للحكومة، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي. وربما يأتي دفع النمو الاقتصادي للصين وضمان عدم حدوث أي تباطؤ للنمو من بين أكبر التحديات التي تواجهه. إن الصين بالفعل تواجه تراكما للديون الوطنية الفرعية. ومن المتوقع أيضاً أن يواجه الرئيس الصيني أكبر ضغط من الولايات المتحدة ودول أخرى لزيادة تحرير الاقتصاد الصيني والسماح بدخول المنافسة الأجنبية إلى البلاد. وعلى الرغم من ذلك، فإن «شي» ربما يكون من بين أقوى الزعماء الذين تستطيع الصين مقارنتهم بسهولة بالزعيم الصيني العظيم «دنج شياو بينج»، والذي لم ينجر بعض الإصلاحات فحسب، لكنه أيضاً دفع الصين لكي تصبح قوة عالمية حازمة. وبينما كان يطلق على «دينج» الزعيم المطلق، فإن «شي» أيضاً في سبيله للحصول على هذا اللقب، لا سيما بعد أن حصل على منصب الأمين العام للحزب الشيوعي. إن رؤيته للصين واضحة جداً في «فكر شي جين بينج عن الاشتراكية بسمات صينية للعصر الجديد»، والمدرج في دستور الحزب الشيوعي باعتباره جزءاً من أيديولوجيته التوجيهية. وهذا يدل بوضوح على نفوذه، وأيضاً قبضته المحكمة داخل الحزب. وفي الوقت الحاضر، لا يوجد في الأفق خليفة للرئيس «شي»، وقد أدى هذا إلى تكهنات بأنه قد يحاول الحصول على فترة ولاية ثالثة. وذلك لأنه حتى الآن، لا يوجد من يماثله داخل الحزب وليس بعيدا أن يُطلق عليه أقوى زعيم في العالم. جدير بالذكر أنه مع إعادة انتخاب «شي» أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، تم استبدال خمسة من الأعضاء السبعة في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي. واستثنى هذا التعديل الذي أدخل على اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، أعلى هيئة للسلطة في البلاد، الرئيس «شي»، ورئيس مجلس الدولة «لي كه تشيانج». وقد جاءت الانتخابات الجديدة، في ختام الجلسة الأولى للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في دورتها الـ19، فيما اختتم في وقت سابق المؤتمر الـ19 للحزب الشيوعي الصيني الذي تواصلت جلساته أسبوعاً في بكين. د.ذِكْر الرحمن* *رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي