لا أريد المبالغة بشأن أهمية دور دونالد ترامب في الانتخابات المبكرة التي جرت في بريطانيا الخميس الماضي، فهذه كانت انتخابات حول الاقتصاد البريطاني والمصلحة الوطنية البريطانية، ولكنها كانت أيضاً انتخابات أفرزت نتائج جد متقاربة، ولو أن بضع مئات من الأصوات ذهبت في الاتجاه الآخر في مجموعة من الدوائر الانتخابية، لكان حزب تيريزا ماي «المحافظ» الآن ما زال محافظاً على أغلبيته البرلمانية، وعليه فالسؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: هل ساهم ترامب في التأثير على نتيجة الانتخابات البريطانية ضد «المحافظين»؟ إن اجتماع «ماي» الودي والاحتفالي مع ترامب في يناير، بعد بضعة أيام على تنصيبه، جعلها تبدو ضعيفة، فبعد إخراجها بريطانيا من أوروبا، بدا أنها تهرول إلى واشنطن بحثاً عن أصدقاء – أي أصدقاء، كما أن تسرعها في الإعلان عن زيارة دولة مقبلة لترامب إلى بريطانيا لم تلقَ تأييداً واسعاً، إذ إن قرابة مليوني شخص وقعوا عريضة ضدها. وفي الأثناء، ظهر مقطع فيديو لها وهي تمسك بيد ترامب (يبدو أنه لا يحب نزول الدرج) في أغنية مصوَّرة مؤيدة لحزب «العمال» وفي عدد من الرسوم الكاريكاتورية، وهو ما عزّز صورة «ماي» غير الجميلة كسياسية من «يمين اليمين»، كما هاجم زعيمُ حزب العمال «ماي» باعتبارها دمية أميركية: «إن الانتظار لرؤية في أي اتجاه تهب الريح في واشنطن لا يمثل زعامة قوية». وعلاوة على ذلك، فإن انتقاد ترامب الشديد لعمدة لندن صديق خان على تويتر، في أعقاب الهجوم الإرهابي قبل أسبوع، جعل الرئيسَ الأميركي أقل شعبية في بريطانيا، حيث استُنكرت تغريداته (بينما أُشيد بخان) من قبل كل المتحدثين في المحافل العامة تقريباً، من التليفزيون إلى وسائل التواصل الاجتماعي إلى الحانة الحي – الجميع باستثناء «ماي»، فقد كانت تراوغ وتتحاشى الأسئلة حول تغريدات ترامب قبل أن تقول في الأخير: «أعتقد أن صديق خان يقوم بعمل جيد ومن الخطأ قول أي شيء آخر»، ولكن ذلك لم يلقَ صدى جيداً البتة، وخاصة في لندن، حيث أعداد العمال مرتفعة جداً. مرة أخرى: إن تأثير الرئيس الأميركي ليس عاملاً رئيسياً، ولكن علينا ألا نتفاجأ إذا حافظ الزعماء الأوروبيون الذي يواجهون انتخابات على مسافة بينهم وبين ترامب في المستقبل. آن أبلباوم محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»