عندما وصلت إلى فرنسا قبل أسبوع مضى، كان كثير من الأميركيين يتساءلون ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ستصبح «بريكسيت فرنسي»، وستكون «مارين لوبن» ترامب فرنسا. وفي ضوء تقدم «إيمانويل ماكرون» في استطلاعات الرأي بقوة، آمنت بأن ذلك السؤال كان خاطئاً، لكن فرنسا واجهت زلزالا سياسياً بحجم «بريكسيت»، عندما لم يصل أي من الحزبين الرئيسين من اليسار واليمين إلى الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية. ويبدو أن الحزب «الجمهوري»، المنتمي إلى يمين الوسط يترنح، بينما يحاول استكشاف اتجاهه لاحقاً. ورغم ذلك يبدو في وضع أفضل من الحزب «الاشتراكي» اليساري، الذي يصطف أنصاره حالياً حول «فراش مرضه»، ويتحدثون بنبرة خافتة. وقد فاز ماكرون بدفاعه عن أوروبا والعولمة والإصلاح الاقتصادي والهجرة، لكن في ضوء الاضطرابات التي يعيشها كلا الحزبين الكبيرين، يتبادر السؤال تلقائياً: إذا أصبح دفاع «ماكرون» -المتحمس- عن العولمة أيديولوجية قوية لجانب سياسي، فعلى أي شيء ستقوم المعارضة في هذه الحالة؟ تنقسم الأنظمة الانتخابية بدرجة ما إلى نوعين: تلك التي تميل إلى تحقيق نتائج ثنائية الأقطاب، وتلك التي تميل إلى إبرام تحالفات بدرجات متباينة من الاستقرار. وبالطبع، في أميركا نظام ثنائي الأقطاب، وكذلك في فرنسا. ورغم أن الأخيرة ليس لديها أحزاب ضاربة بجذورها منذ قرون، فإن السيطرة على الحكومة فيها لطالما تبدلت بين الأحزاب الرئيسة من اليمين واليسار، مع تغير في هوية تلك الأحزاب بدرجة ما منذ استهل «شارل ديغول» الجمهورية الخامسة. بيد أنه يبدو الآن أن السياسة الفرنسية لم تعد ثنائية الأقطاب، بحسب الخبير السياسي «آرون كابيل»، وإنما بها خمسة أقطاب، هي: أقصى اليسار، مجموعة صغيرة من الاشتراكيين المخلصين، حركة «إلى الأمام»، و«الجمهوريين»، و«الجبهة الوطنية». وقد تتضاءل هذه الأقطاب، لكنها لن تعود إلى التحالفات القديمة داخل اليمين أو داخل اليسار، التي أرست دعائم الاستقرار في السياسة الفرنسية على أساس نظام ثنائي الأحزاب. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»