القانون يحسم أزمة «البوركيني».. وعودة صاخبة لنيكولا ساركوزي لوموند نشرت صحيفة لوموند يوم أمس، السبت، افتتاحية بعنوان: «البوركيني: انتصار لدولة القانون»، علقت فيها على قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر يوم أول من أمس، الجمعة، القاضي برفض قرار بلدية «فيلنوف- لوبيه» منع زي السباحة الذي ترتديه النساء المسلمات المسمى البوركيني. وقالت الصحيفة ابتداءً إن الكلمة الفصل، كما ينبغي أن يقع دائماً في بلاد ديمقراطية، يتعين أن تكون لقوة القانون. والآن بعد عدة أسابيع من السجال المحموم، وبنفَس هستيري أحياناً، حول ما بات البعض يعتبره أزمة بوركيني في فرنسا، ها هو مجلس الدولة يقول كلمته الفصل، بمنطوق القانون، لغير صالح البلدية -بل البلديات الأخرى الثلاثين التي حظرت هذا الزي بشكل قاطع. ومهما تذرع البعض بالقيم العلمانية، فإنه لا صوت يمكن أن يعلو أيضاً فوق صوت القانون. وها هي أعلى هيئة قضاء إداري في فرنسا وقد حسمت مشكلة هذا الزي، ذي الطابع المسلم، وفي دعاوى السلطات المحلية التي منعته على الشواطئ الفرنسية، في ظرف متسم أصلاً بحالة احتقان شديدة إثر الأحداث الإرهابية التي عرفتها البلاد خلال هذين العامين الأخيرين، وخاصة بعد حادث الهجوم الشنيع في مدينة نيس. وقد اعتبر القضاة الثلاثة في المجلس أن دعاوى بلدية «فيلنوف- لوبيه» بأن المظهر الديني للبوركيني، من شأنه الإخلال بالنظام العام، تبدو دعاوى غير مبررة، كما أن الحجج التي سيقت لدعمها لا تقف على أي أساس صلب. ولذا فإن قرار حظر البوركيني يمثل: «مساساً خطيراً وغير شرعي بشكل بيّن بالحريات الأساسية ومن ضمنها حرية التحرك في الفضاء العام ذهاباً وإياباً، وحرية الوعي والحرية الشخصية» بمفهومها العام، ولذا فإن تنفيذ هذا القرار لاغٍ بشكل قاطع. وتقول لوموند إنه بغض النظر عن طبيعة ردود فعل حفنة من عمد البلديات الفرنسية الذين أكدوا في مساء اليوم نفسه أنهم سيدعمون صدور قرارات مماثلة في بلدياتهم، فسيكون قرار مجلس الدولة ملزماً لهم. ولعل من حسن الحظ حقاً أن هذا القرار قد أتاح فرصة لطي صفحة هذا السجال الغريب الذي تم بناؤه على كثير من الأحكام المسبقة وتوظيفه لتحقيق أهداف انتخابية، ولذلك انخرطت فيه الطبقة السياسية لأغراض انتهازية لا أكثر. والأخطر أن قضية البوركيني هذه تولدت عنها ردود فعل بالغة السلبية في الخارج، وخاصة بعد انتشار صور عناصر من الشرطة بالزي الرسمي وهم يتعرضون لمساءلة نساء على خلفية ملابسهن على الشاطئ. وهو مشهد دار حول الكرة الأرضية كلها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وكان ضاراً بصورة فرنسا، هذا إن لم يكن قد خدم بالفعل المتطرفين الإسلامويين الذين يزعم أنصار حظر البوركيني محاربتهم. وقالت لوموند إن مجلس الدولة أعاد بوضوح التذكير بالأسس التي تقوم عليها العلمانية. ويمكن مثلاً أن يدعي المعارضون للبوركيني أو الحجاب أن فيهما مساساً بحقوق النساء من وجهة نظرهم، ولكن إصدار قرارات بالمنع ليس حلاً سحرياً أيضاً. فمثلما أن العلمانية سارية وينبغي احترامها في فرنسا، كذلك الحرية الدينية ينبغي أن تبقى هي القاعدة، والجمهورية تتشرف باحترام هذه الحرية، طالما أن الأمن العام لم يتعرض إلى خطر. والحال أن الفرنسيين العاديين أثبتوا منذ فاجعة نيس أنهم أكثر مسؤولية ورصانة من منتخبيهم. ويبقى أخيراً أن هذه القضية المثيرة للجدل، حتى لو انتهت، فلن يغلق ذلك باب الجدل حول مكانة الإسلام في المجتمع الفرنسي، وخاصة بالنظر إلى الظرف الصعب الراهن. وأول المعنيين بذلك طبعاً النساء، وليس خلواً من المعنى هنا أن وزيرتين هما نجاة فالو- بلقاسم وماريزول تورين هما من تزعم المعارضة للموقف الراديكالي لرئيس الحكومة ماونيل فالس تجاه البوركيني. ومن حق النساء المسلمات أن يستمع إلى رأيهن أيضاً في هذا الشأن. وفي الأخير قالت الصحيفة إن أكبر خدمة يمكن أن يقدمها الساسة في السجالات الاجتماعية والدينية التي تؤثر سلباً أو إيجاباً على وحدة الشعب الفرنسي وتعايشه هي أن يتوقفوا فقط عن صب الزيت على النار. لوفيغارو في صحيفة لوفيغارو نشر الكاتب إيفان ريوفول مقالاً بعنوان: «ساركوزي في فخ الجبهة الوطنية» خصصه للحديث عن أجواء للعودة الصاخبة للرئيس السابق نيكولا ساركوزي إلى واجهة المشهد السياسي والإعلامي هذا الأسبوع مع إعلان نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في العام المقبل 2017. وتساءل الكاتب منذ البداية: هل يمكننا أن نثق في نيكولا ساركوزي؟ مؤكداً أن هذا السؤال هو ما يتردد الآن على ألسنة كثير من الفرنسيين، كما هي حاله هو نفسه. فعودة ساركوزي للتذكير بنفسه من جديد وكأنه يقول: «أنا ما زلت هنا»، ودخوله على خط الحملة الانتخابية الرئاسية استقطب اهتمام بوسائل الإعلام بشكل ملفت، كما لفت انتباه الجمهور العريض أيضاً. ولكن مَن المستعد حقاً للاستماع لوعود ودعاوى ساركوزي مرة أخرى، حتى لو قدم نفسه مختلفاً اليوم، بكل البراعة والقدرة على اللف والدوران في الكلام، اللتين عرف بهما؟ ومن يصدق أن رجلاً من الماضي، للفرنسيين معه كثير من الذكريات والإحباطات والآمال غير المتحققة والوعود المنكوث بها، يمكن أن يكون هو رجل المستقبل المنقذ؟! ثم إن الرئيس السابق أيضاً يعود الآن موهماً بأنه بات يتحدث بخطاب سياسي جديد متناقضاً في كثير منه مع كل ما عرف به من مقولات وسياسات خلال سنوات رئاسته السابقة. وأكد الكاتب أن ساركوزي يعود مجدداً ممتطياً دعاوى ودعايات الهوية والخصوصية الفرنسية، مستغلاً شروخ الذات وتصدع الهوية، وكأن ثمة مشروع ساركوزي جديداً قادراً على حل كل المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البلاد بضربة من عصا سحرية! وقد يكون ثمة قادة آخرون في اليمين الجمهوري الذي يتزعمه ساركوزي قد يبدو هذا الكلام أكثر إقناعاً من أفواههم، مقارنة بزعيمهم القديم- الجديد. وليس هذا فقط، فأكثر ما يمكن أن يدعم موقف ساركوزي في الحملة هو تجربته وخبرته السياسية ولكنّ قطاعاً غير قليل من الفرنسيين أصبح مناهضاً منذ البداية لكل أصحاب التجارب والخبرات السياسية، بل للطبقة السياسية نفسها. وأخيراً قلل الكاتب من جدوى مساعي ساركوزي لقطع الطريق على محاولات زعيمة «الجبهة الوطنية» مارين لوبن استمالة الجمهور العريض المحبط من سياسات اليسار الاشتراكي ونزوح ناخبي اليسار واليمين معاً بشكل جماعي نحوها، لأن مشكلة ساركوزي تكمن في كونه يحارب مارين لوبن بتبني مقولاتها ومواقفها، ومفهومٌ طبعاً أن اليمين المتطرف تصعب هزيمته باستخدام جعجعة اليمين المتطرف ذاتها. ليبراسيون رصد فردريك أوتران مراسل صحيفة ليبراسيون في نيويورك مسار الحملة الانتخابية للمرشحة «الديمقراطية» هيلاري كلينتون، وجنوح خطابها المتواصل نحو مواقف أنصار اليسار التقدمي في حزبها ممثلين في أنصار منافسها السابق في الانتخابات التمهيدية بيرني ساندرز. وقال الكاتب إن من تقاليد الحملات الرئاسية الأميركية المعتادة أن تتركز المنافسة بين المترشحين على محاولة استمالة ناخبي الوسط بشكل خاص، ولكن هذه الحملة بالذات ما زالت تتسم بنوع من التركيز على الموقفين الحدِّيين، بعيداً عن الوسط، حيث تركز كلينتون على السياسات التقدمية الديمقراطية ذات النزعة اليسارية، في حين يواظب المرشح الجمهوري دونالد ترامب على مواقفه اليمينية المتطرفة المعهودة. واعتبر الكاتب أن ما تراهن عليه كلينتون هو ضمان تصويت أكبر قدر ممكن من ناخبي الشباب لصالحها، وذلك لإدراكها لأهمية هذه الشريحة التي صوتت بنسبة 60% لصالح أوباما في دورتي الانتخابات الرئاسية الماضيتين. كما أن درجة الاستقطاب الحزبي الشديد تفرض عليها أيضاً العمل على ضمان وحدة الصف الديمقراطي أولاً قبل التطلع لاستمالة ناخبي الوسط وقطاع أيضاً من الناخبين الجمهوريين المستائين للغاية من ترشيح دونالد ترامب أصلاً. إعداد: حسن ولد المختار