حظي المهتمون بالحياة البرية في الآونة الأخيرة بفرصة نادرة لمراقبة الأيام الأخيرة المثيرة للمشاعر للفيل الجمهوري الأميركي! والفيل الجمهوري الذي تصنفه السلطات الدولية بأنه «معرض للانقراض بشدة» عاني لعقود كي يتكيف مع واقع الحياة الطبيعية التي تتطور سريعاً، على رغم أن موطنه الأصلي الولايات المتحدة! وكان هذا الكائن الضخم حيواناً نبيلًا يجول في طول البلاد وعرضها، منتشراً في المدن الأميركية، وأيضاً في المناطق الريفية، ولكنه شهد في السنوات القليلة الماضية تقلصاً في أعداده وفي مواطن انتشاره. وفي الآونة الأخيرة على أي حال، دفعت مجموعة مجهولة من الأحداث أكثر من ألفي فرد من الأفيال الجمهورية إلى الاجتماع حول بركة مياه في «كويكين لونز آرينا» في كليفلاند بولاية أوهايو. ونحن نحث كل عشاق الطبيعة، المتخصص منهم والهاوي، على انتهاز ما قد يكون فرصة أخيرة لمشاهدة هذا الحيوان الكبير قبل اضمحلاله الذي لا مفر منه تقريباً. والعوامل التي أدت إلى التراجع المتسارع لهذا الفيل الذي كان موجوداً في كل مكان ما زالت عسيرة على الفهم. ويُعتقد أن درجة عالية من الاقتصار على أنواع معينة من الغذاء ربما ساهمت في هذا التراجع. والأفيال الجمهورية تشتهر بأنها تستهلك كميات كبيرة من الطعام الأميركي، وتلتهم أغذية تعتبرها «أصلية»، وبهذا عزلت الأفيال نفسها عن مصادر غذاء هائلة قد تكون مستدامة. ولطالما شهدت الأفيال الجمهورية الثقيلة وبطيئة الحركة صعوبة في منافسة الحمار الديمقراطي الرشيق نوعاً ما والقادر على التكيُّف. وقد أصبح موطن الفيل الجمهوري مقيداً تدريجياً بعدد يتناقص من المناطق في الجنوب الأميركي والجنوب الغربي، ووجد أن من الصعب العيش في المناطق الحضرية سريعة الإيقاع. وتزايدت هيمنة الحمار الديمقراطي على المناطق الحضرية وانتقل إلى مناطق هجرها في الآونة الأخيرة منافسه الأكبر حجماً والأكثر حمقاً. ومن المعروف جداً وسط علماء البيولوجيا أن التنوع الجيني حاسم في البقاء والسلامة لأي جنس، ولكن الفيل الجمهوري أبدى ميلًا يرثى له للابتعاد عن المصادر المحتملة للتنوع الجيني الأكبر مختاراً التناسل فيما بينه. وانتشار اللون الأبيض التدريجي في الأفيال الجمهورية هو إحدى النتائج غير سعيدة الطالع فيما يبدو لهذه العادة. وقبل أقل من عقد كانت هناك أعداد كبيرة من الأفيال البنية والسوداء داخل قطيع الأفيال الجمهورية، ولكن بدءاً من منتصف أربعينيات القرن الماضي بدأت أعدادها تتقلص بشدة. ويُفترض أن عدداً من الفيلة من ذوي اللون الداكن قد نفقت، ولكن أخرى فرت أو طُردت لتجد مكاناً آمناً وسط القطعان المتنامية من الحمر الديمقراطية المتنافسة منذ وقت طويل مع الفيلة الجمهوريين. والحال أن التغير كان صارخاً. فعند بركة المياه في «كويكن لونز آرينا» في كليفلاند، على سبيل المثال، ظهر 18 فيلًا أسود فحسب وسط ما يزيد على 2450 فيلًا جمهورياً في أصغر نسبة من الأفيال السوداء ضمها القطيع في قرن من الزمن. وفي المقابل، نجح الحمار الديمقراطي في زيادة التنوع الجيني بشكل كبير داخل قطعانه. ففي عام 2012 رصد علماء البيولوجيا جماعة كبيرة من الحمر الديمقراطية في تشارلوت بولاية نورث كارولينا كان بينهم 1452 حماراً أسود في قطيع بلغ 5500 من الحمر الديمقراطية التي نجحت في استيعاب عدد كبير من الوافدين الجدد في صفوفها، والتي عززت بشكل كبير احتمالات تكيفها وتطورها الصحي. وربما أصيبت الأفيال الجمهورية في السنوات القليلة الماضية بعدم قدرة على التكاثر مثيرة للقلق. ففي أربعينيات القرن الماضي شكلت الأفيال الجمهورية نحو 40 في المئة من سكان الوسط الحيوي السياسي الأميركي. واليوم لا تمثل إلا ربع هذا الوسط. والأفيال الجمهورية تطعن في السن والأعضاء الأصغر سناً والأكثر حيوية من القطيع يتزايد ميلهم إما إلى الانضمام إلى الحمر الديمقراطية، أو العمل بشكل مستقل. والأفيال الجمهورية تعاني أيضاً من تزايد في الصراع الداخلي، كما هو معتاد في حالة اقتراب جنس ما من الانقراض. وبعد الوصول إلى «كويكن لونز آرينا»، انخرط القطيع في جنون غذائي على الفور وشوهدت ذكور الفيلة الجمهورية عدة مرات وهي تدخل في قتال مميت مع تنامي الصراع على الهيمنة بشكل أكثر وحشية في هذا الجو من الندرة والمخاطر. وتم رصد حالات من أكل لحوم بعضها بعضاً، ورصد عدد من المراقبين الاختفاء الواضح لفيل من سكان أوهايو يطلق عليه أنصار الطبيعة «جون كاسيتش». وبينما ظهر فيل يدعى «تيد كروز» وهو من الذكور الأصغر سناً الذي سعى لقيادة القطيع، ولكن هيمن عليه أكبر وأكثر الذكور بياضاً في القطيع وهو وحش شديد العدوانية يقال له «دونالد». وعلى رغم ظهور عدد من الإناث في القطيع، فإن «دونالد» أخضعهن أيضاً فيما يبدو لسيطرته. وبركة المياه في «كويكن لونز أرينا» ستجف قريباً فيما يبدو. وقبل أن تجف، فعلى علماء البيولوجيا المتحمسين للحياة البرية أن ينتهزوا فرصة التجمع النادر هذه لأنه ليس من المتوقع أن يظل هذا الجنس حياً حتى الدورة الانتخابية القادمة. والمهتمون بالمراقبة بشكل مباشر عليهم توخي الحذر لأن الفيلة الجمهورية مثل كل الحيوانات المذعورة والمهددة بالانقراض ستتزايد شراً وعدوانية في ساعاتها الأخيرة على الأرجح. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»