يلتقي مسؤولون من الأردن ولبنان وتركيا في لندن خلال الأسبوع الجاري، في محاولة لجعل العالم المذهول بسبب فضيان اللاجئين السوريين، يشعر بألمهم. وهي أزمة قاهرة بصورة مفجعة. وفي عام 2010، بلغ تعداد سكان لبنان 4,3 مليون نسمة، وقدرت «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» تعدادهم بحلول الصيف الماضي بنحو 6,2 مليون نسمة، وتعزو نسبة كبيرة من هذه الزيادة إلى اللاجئين القادمين من سوريا، وقد شبه وزير التعليم اللبناني «إلياس بوصعب» الوضع كما لو أن 32 مليون نسمة دخلوا فجأة إلى بريطانيا. وعلى رغم أنه ربما كان يبالغ بعض الشيء بحساب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لكن حتى إذا دخل 24 مليون نسمة إلى بريطانيا، فهو رقم خيالي، والرقم المماثل المتناسب مع تعداد الولايات المتحدة هو 120 مليون نسمة، وبالنسبة لألمانيا أكثر من 30 مليوناً. وحقيقة أن الاتحاد الأوروبي مجبر في الوقت الراهن على تقاسم ولو نزر يسير من أعباء هذه الأزمة المثيرة للإحباط، جعلت أعضاءه يقرون بأنه لابد من مساعدة اللاجئين في أماكن وجودهم، وقد باتت الأردن ولبنان وتركيا تدرك أنه سيتعين عليها ترك السوريين ينافسون على الوظائف، وهو ما يمكن أن يفضي إلى زعزعة الاستقرار السياسي. وقد شجع ذلك الإدراك «البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية» على توجيه نداء جديد حول ما سماه: «تنمية الأزمة»، والبنك الذي تم إنشاؤه عقب سقوط سور برلين لمساعدة الدول الشيوعية السابقة في أوروبا على أن تصبح اقتصادات منافسة، انتقل على نحو مثير للجدل، إلى العمل في دول مثل مصر والأردن والمغرب وتونس، بعد أحداث ما يسمى «الربيع العربي»، وخلال الصيف الماضي، بينما كنا نشاهد تغطية تلفزيونية لأزمة اللاجئين القادمين إلى أوروبا، أخبرني رئيس البنك «سوما تشاكرابارتي» بأنه يرى «فرصة لإظهار أننا على قدر المسؤولية في الأزمات»، وقد تقدم لبنان الآن لعضوية «البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية»، وما تفعله بعض المؤسسات عادة مع مرور الوقت هو تغيير المهام، فعندما تنتهي المهمة التي أنشئت من أجلها، تبحث عن أدوار جديدة لتفادي الإغلاق والبطالة، وفي هذه الحالة فهذا أمر طيب. وفي أكتوبر الماضي، قال «تشاكرابارتي» إنه قد «حصل على موافقة مجلس إدارة» البنك على اتباع نهج جديد، وسيساعد في إرساء الاستقرار في الدول المضيفة للاجئين عن طريق دفع التمويلات وتحفيز مستثمري القطاع الخاص للتعامل مع نتائج الانفجارات المفاجئة في تعداد السكان، والنظر إليها على أنها فرصة للتنمية، وفي يوم الأربعاء الماضي، أعلن عن برنامج بقيمة 900 مليون «يورو»، وقال: «تشاكرابارتي»: «نحن مستعدون للمضي قدماً في جهودنا، وكل ما نحتاجه هو أن تقدم الدول المانحة 400 مليون يورو، وأن تتعاون الدول المضيفة». وسيبدأ البنك بدعم خدمات الصرف الصحي، فنظام الصرف المنهك بالفعل في الأردن لا يمكنه التكيف مع أعباء وجود 1,4 مليون سوري إضافة إلى سكان البلاد، ولذا فإن أول مشروعات «البنك الأوروبي» ستكون تعزيز الشبكة في منطقة نهر الزرقا، شمال عمان. مارك تشامبيون محلل سياسي بريطاني يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»