كشفت (هيلة القصير) الملقبة بسيدة تنظيم «القاعدة» السعوديّة، القابعة بسجن النساء في الحائر، والمحكوم عليها بخمسة عشر عاماً، أن القضاء السعودي كان متسامحاً معها، وتعتقد بأنها لو كانت في دولة أخرى لحُكم عليها بما لا يقلُّ عن ثلاثين عاماً. واعترفت أثناء التحقيق معها أن انضمامها للقاعدة كلّفها شبابها وعمرها. اللافت في كلام «هيلة»، قولها بأنها تمكّنت من تحصيل أموال لتنظيم «القاعدة باليمن» تجاوزت مليوني ريال. جمعتها من المحاضرات الدعويّة، ومن تبرعات أخذتها من نساء بحجّة بناء مساجد ودور أيتام! وهذا يعدُّ مؤشراً خطيراً على أن المجتمع النسائي السعودي فاتح ذراعيه عن آخرهما لأمثال أولاء الداعيات، ويثق فيهنَّ، ويستمع لما يقلنَ، وما يدعينَ إليه! بلا شك في السنوات الأخيرة، تورّطت نساء عربيات ومسلمات في أعمال العنف من خلال الانخراط في سلك التنظيمات الجهاديّة، مستغلة هذه الجماعات قدرة المرأة على التسلل لأي مكان، بتخفيّها بالنقاب واللباس الأسود الذي لا يُظهر شيئاً منها واستخدامها بيسر في تنفيذ العمليات الانتحاريّة. إضافة إلى سهولة تواجدها داخل التجمعات النسائيّة للوصول للمعلومات التي يريدونها. بجانب قدرتها على تغرير الفتيات بالمال وتجنيدهن! وهو ما دفع السعودية إلى اتخاذ قرار بمنع الداعيات من عمل ندوات دينيّة داخل البيوت، والحد من نشاطاتهن، وهو قرار حكيم من وجهة نظري. كذلك تنبّهت السعوديّة مع تزايد ظاهرة الإرهاب في أرجاء العالم، إلى دور الأموال في تمويل العمليات الإرهابيّة، وأعلنت تقديمها لمجموعة من التوصيات تصب جميعها بوجوب مراجعة أوضاع المكاتب التعاونيّة للدعوة والإرشاد المنتشرة بكل مناطق المملكة، مقترحة قيام وزارة الشؤون الإسلاميّة بالتنسيق مع إمارات المناطق على إغلاق الفروع الزائدة عن الحاجة، وتكثيف الرقابة على المكاتب الدعويّة من النواحي الإداريّة والمالية، ووجوب توضيح نوعيّة الاستثمارات التي تقوم بها. وعودة إلى «هيلة»، تعجبتُ من دفاع أحد الدعاة المعروفين السعوديين عنها، وتبرير ما قامت به! بأن فكرها «الجهادي» نبع من باب التشفي والانتقام لزوجها الذي قُتل، واصفاً إياها بالتديّن والبساطة والعفويّة والعقلانيّة وضعف تحصيلها العلمي! لا أعرف كيف بنى هذا الداعي حكمه على «هيلة»، وهي المرأة التي تحمل شهادة جامعيّة، وكانت تعمل في سلك التدريس، وتقوم بوظيفة داعية داخل مجالس النساء؟ ولا أدري كيف حكم على هذه المرأة الإرهابيّة بالبساطة والعفويّة وبالجهل، وهي التي كان يُطلق عليها (سيدة القاعدة) واستطاعت ضم عشرات الشابات الصغيرات في السن للتنظيم الجهادي؟ كما يعلم مثل كثيرين بأن هناك علاقات مشبوهة تجري داخل نطاق التنظيمات الجهاديّة يتم فيها استغلال المرأة أسوأ استغلال باسم الذود عن الدين! الأوطان ليست أرضاً للمساومة ولا للمقامرة، ولا مكان فيها لأصحاب الفكر المتطرّف بنسائها ورجالها. الوطن خط أحمر والواجب الضرب بيد من حديد لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمنه. والمرأة شأنها شأن الرجل في وجوب احترامها لحقوق المواطنة. وإذا كان بعض الدعاة ينظرون للمرأة كمخلوق لا حول له ولا قوة من الدرجة الثانية، وبالتالي يمكن الغض عن أخطائها الفادحة، فهذا أمر آخر جلل لا يُمكن السكوت عليه! هناك نساء عبثن بتاريخ أوطانهن واستطعن تدميره من وراء الأستار! وإذا كانت المرأة حاضنة الأجيال ومربية الأمم، فهي كذلك تملك الكلمات السحريّة التي تفتح بها طاقات جهنم على مصراعيها! لذا يجب معاقبة الجميع على أساس الأفعال وليس على أساس نوع الجنس! إن تعاطفَ بعض الدعاة مع هذه الفئة المخرّبة، يجعلني أتساءل إنْ كانوا مقتنعين في قرارة أنفسهم بأفعالها، أم بالفعل يعتبرونها ناقصة عقل ودين! مجرّد سؤال بريء! كاتبة سعودية