تتمثل المفارقة في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي جرت أمس، في إمكانية سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، لكنهم قد ينتخبون مجموعة جديدة من المتعصبين في «حزب الشاي» المناهض للهجرة، مما يزيد نفور الناخبين اللاتينيين، ويجعل من شبه المؤكد أن يخسر حزبهم الانتخابات الرئاسية عام 2016. ووفقاً لمعظم استطلاعات الرأي، فإن الحزب الجمهوري قد يزيد من أغلبيته الحالية في مجلس النواب، وقد يسيطر على مجلس الشيوخ، ففي الأخير، يحتاج الجمهوريون للفوز بأغلبية ستة مقاعد صافية، وهم بالفعل لديهم ثلاثة، حيث ترجح استطلاعات الرأي حصولهم على فوز مريح، وفي مجلس النواب، قد يوسع الجمهوريون أغلبيتهم ليفوزوا بعشرة مقاعد بدلاً من ثمانية. إن فوز حزب المعارضة في انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة ليس أمراً غير عادي، خاصة خلال فترة الولاية الثانية للرئيس. بيد أن الجمهوريين قد يضرون أنفسهم؛ فقد رجح استطلاع للرأي أن يحل ستة إلى ثمانية جمهوريين ممن يحظون بتأييد «حزب الشاي» محل مشرعين أكثر اعتدالاً من حزبهم بعد تقاعدهم. وهذا يعني أن زعيم الجمهوريين في مجلس النواب «جون بوينر»، والذي عجز بالفعل عن منع الجمهوريين اليمينيين في المجلس من استعداء الناخبين اللاتينيين عبر طرح مشاريع قوانين مناهضة للهجرة، سيجد أن غرس بعض الاعتدال بين الكتلة التشريعية في حزبه أكثر صعوبة. وقد منع الجمهوريون المناهضون للهجرة في مجلس النواب مشروع قانون شامل لإصلاح نظم الهجرة، والذي وافق عليه مجلس الشيوخ العام الماضي، رغم تأييد الجمهوريين البارزين لهذا التشريع. يقول «فرانك شاري»، رئيس جماعة «صوت أميركا» المؤيدة للهجرة: «إذا ما فاز الجمهوريون بالمجلسين، سيمررون أقسى التدابير لتنفيذ قوانين الهجرة، حيث إنهم حاولوا عام 2005 تحويل المهاجرين غير الشرعيين إلى مجرمين»، وأضاف: «سيحاولون وقف أي إجراء تنفيذي يقوم به الرئيس أوباما من أجل إرضاء قاعدتهم المناهضة للهجرة». وينبغي الإشارة إلى أن الجمهوريين الذين يدركون أن حزبهم لن يفوز بالانتخابات الرئاسية عام 2016 دون زيادة حصتهم الضئيلة من أصوات الناخبين اللاتينيين- أمثال «جيب بوش»- سيحركون حزبهم نحو الاعتدال بشأن قوانين الهجرة عقب انتخابات يوم الثلاثاء. غير أن هذا المنطق فشل عام 2008، عندما توقع الكثيرون منا أن «ميت رومني» سيُهزم بسبب خطابه حول «الترحيل الذاتي» للمهاجرين، والذي يُفهم منه أنه مناهض للأميركيين اللاتينيين، وقد تغلبت مخاوف «رومني» من استعداء اليمينيين في حزبه على رغبته في إقناع الناخبين اللاتينيين، الأمر الذي قد يحدث ثانيةً خلال العامين المقبلين. ومن وجهة نظري، إذا ما فاز الجمهوريون بمجلسي الكونجرس معاً، فمن المرجح أن يفي أوباما بوعده الذي تأخر كثيراً باتخاذ إجراءات تنفيذية بشأن الهجرة، وتقديم مسار لتصاريح العمل لنحو 8 ملايين عامل غير شرعيين يستوفون معايير عديدة، مثل وجود سجلات قانونية نظيفة وتسديد الضرائب، وهذا من شأنه أن يثير جنون الجمهوريين من «حزب الشاي» في الكونجرس، حيث سيتهمون أوباما بأنه دكتاتور يتخطى الكونجرس! إن وجود كونجرس يسيطر عليه اليمينيون، ووجود نظام انتخاب أولي يعطي الولايات الشمالية الشرقية ذات الأغلبية البيضاء القول الفصل في عملية ترشيح الحزب الجمهوري، قد يأتي بمرشح جمهوري غير قابل للانتخاب، وقد يخسر الجمهوريون مرة أخرى في انتخابات 2016 بسبب خسارتهم لأصوات اللاتينيين. أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي انترناشيونال»