"إنهم يصنعون الأحداث لكي يتهموا بها الإسلاميين، ونحن منها براء"، هكذا علق يوسف القرضاوي على التفجير الإرهابي الذي وقع أمام مديرية أمن القاهرة، وراحت ضحيته مجموعة من البسطاء الفقراء المصريين، الذين لا ذنب لهم في شيء سوى أنهم قرروا مواجهة عنف وإرهاب جماعة القرضاوي. والحقيقة أنني لست ضليعاً في علوم اللغة العربية مثل القرضاوي نفسه، ولهذا لا أعلم ما هو الأصل المشتق منه كلمة "قرضاوي"، وهل لها علاقة بكلمة "القرض"، وهي كلمة مصرفية اقتصادية لها علاقة بالقروض والمنح والهبات؟ وحتى لا يدعي البعض أنني أتحامل على الرجل، ولكن أظن وبعض الظن ليس إثماً، أن مواقف القرضاوي نفسه في قضية التفجيرات تتغير بالمكان والزمان. ولأنني من أنصار نظرية "ذكّروهم" لأن الذكرى قد تنفع المؤمنين، فسأذكِّر القرضاوي بموقفه من التفجير الإرهابي الذي ضرب العاصمة القطرية الدوحة أواخر شهر مارس 2005، حينما قام انتحاري مصري بتفجير سيارة مفخخة في مسرح المدرسة الإنجليزية، مما نتج عنه مقتل مواطن بريطاني وإصابة العشرات يقول القرضاوي: "أستنكر بشدة ما حدث من تفجير في قطر، وأراه أمراً يُنكره الدين، وينكره العرف، وينكره القانون. أما الدين ونعني به دين الإسلام الذي يدين به المجتمع القطري.. فإنه يحافظ على دماء الناس وأموالهم وحرماتهم وأمنهم، ويرى الاعتداء عليها من أعظم الجرائم التي تستوجب عقوبة الله في الدنيا والآخرة " لكن الأمر حينما يتعلق بالشعب المصري والدولة المصرية، فإن الشيخ لا يري فيه أمراً ينكره الدين ولا القانون، فالأموال والدماء والحرمات والأمن في قطر تختلف تماما عن مصر، قل هل يستوي الذين يدعمون الإخوان والأميركان بالذين يعارضونهم ؟!! وبالطبع لم ينس أن يخبرنا أن "الإسلام كما يستنكر القتل الذي يستوجب لعنة الله تعالى وغضبه وعذابه في نار جهنم.. يستنكر إهدار الأموال، وتخريب المنشآت... فإن هذا مال المجتمع، ومن اعتدى على شيء منه؛ فقد اعتدى على المجتمع كله، وخصوصاً المال العام؛ فهو في حرمة مال اليتيم في نظر الشرع". هل صحيح هذا الكلام يا سيد قرضاوي؟! إذن فالإسلام يستنكر إهدار الأموال وتخريب المنشآت المصرية، لأنها أموال المجتمع، ومن اعتدى عليها بالإرهاب والتفجير والنهب والتكسير يعتدي على الشعب المصري كله، بل هو كمن يعتدي على حرمة أموال اليتامي، فلماذا لم تقل هذا ايضا يا مولانا، أم أن المال العام القطري حرام أما المصري فحلال لإرهابييك، أم أنك ترفع شعار هل يستوي الذين يدفعون والذين لا يدفعون؟! ويكمل الرجل مشواره في إدانة العدوان الغاشم ويقول "المجتمع القطري حريص على استمرار نعمة الأمن، ولا يسمح لأحد أن يسلبه هذه النعمة، أو يعكر عليه صفوها. وهو مجتمع متعارف متآلف متواد، يعرف بعضه بعضاً، ويألف بعضه بعضاً، ويود بعضه بعضاً، وهو ينكر بشدة هذه الأعمال الإجرامية التي تهدد المجتمع في أمنه واستقراره وتماسكه، ولا يستفيد منها إلا أعداء الأمة وأعداء الدين". هل يمكن أن تختلف الجملة كثيراً إذا رفعت كلمة "القطري" ووضعت "المصري"؟ أعتقد أنه عند أي عاقل لن تختلف كثيراً، فالمجتمع المصري كالقطري كالإماراتي كالسعودي واللبناني والسوري جميعهم يحرصون على نعمة الأمن ولا يسمحون لأحد أن يسلبهم هذه النعمة ويكره أيضاً أن يقدم على شيء يستفيد منه أعداء الأمة وأعداء الدين، ولكن هل سأل الرجل نفسه إذا كان ما يفعله هو وقطر يرضي الأمة والدين، أم أن هذا من الأسئلة الممنوعة يا فضيلة الدكتور! الأهم أيضاً هو كيف ينظر إلى هؤلاء الذين يخالفون القانون ويمارسون الإرهاب والاجرام، فالرجل يقول ما نصه: كل قوانين الدنيا تدين هذه الأعمال اللامسؤولة، الأعمال الدموية التخريبية التي لا تبالي بإزهاق الأرواح، ولا بتخريب الديار. كل القوانين تقابلها بما تستحق من العقوبات الرادعة التي تردع الباغين عن بغيهم، وترد الشواذ عن الصراط المستقيم إلى سواء السبيل" أي أن الإرهاب والمحرض عليه، من وجهة نظر الرجل، شواذ عن الصراط المستقيم، هل طبق الرجل هذه الجملة على أفعاله وأقواله هذه الأيام، لم يجد فيها "شذوذا" عن تقاليد الدين والقانون والقيم ! ختاما أتفهم جيداً أن يكون هناك سياسي يغير مواقفه باختلاف الواقع والظروف المحيطة، أما أن يتغير الدين وثوابته بتغير نوعية البنكنوت، فهذا جديد علينا يا شيخ يوسف... لا أريد أن أطيل عليك كثيراً لكني أذكرك أنك قد بلغت من الكبر عتياً، وغدا تقف بين يدي ربك العزيز المقتدر يوم لا ينفع قطر ولا بنكنوت، فماذا ستقول له يا فضيلة الدكتور؟ هل ستتحمل أمامه دماء الضحايا الذين سقطوا من جراء فتاويك الإرهابية... أم أنك تظن أن القرض القطري سيعصمك من حساب الله؟!