شنّ الأمير تركي الفيصل هجوماً غير مسبوق على أداء الإدارة الأميركية حيّال ملفات المنطقة، قائلا إن أوباما يتصرف حيال سوريا بطريقة تبعث على الأسى. واعتبر اتفاق نزع السلاح الكيماوي مخرجاً له من تعهدات تنفيذ ضربة عسكرية. كما انتقد الأمير سياسة فتح الذراعين لإيران، واعتبر من يعتقد بأن الرياض ستقبل استيلاء إيران على البحرين واهمٌ. وتجدر الإشارة هنا إلى أن السعودية مستاءة من عدم وضوح الرؤية الأميركية تجاه التسلح النووي الإيراني، كما أنها مستاءة من تزايد التدخل الإيراني في بعض الدول العربية، مثل البحرين والعراق والكويت ولبنان واليمن. واشنطن من جهتها نفت وجود أي توتر مع السعودية حيث أكد البيت الأبيض أن السعودية حليف للولايات المتحدة رغم التباين الحاصل في وجهات النظر. والتساؤل هنا: هل الخلاف بين البلدين جدي أو مجرد زوبعة عابرة؟ الخلافات بين واشنطن والرياض ليس بالأمر الجديد، فانتقاد الولايات المتحدة للرياض في قضايا حقوق المرأة والعمالة الأجنبية، أمر معروف منذ فترة طويلة، لكنه لم يأخذ نحو تأزيم الأمور. فدول مجلس التعاون، بما فيها السعودية، لديها تخوف من التقارب الأميركي الإيراني، خصوصاً وأن النفوذ الإيراني يزداد بشكل مطرد في بلاد عربية مثل العراق وسوريا ولبنان، كما أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية للبحرين، وقد بدأت تتدخل في شؤون الشيعة العرب في بلدانهم الخليجية والعربية. والأمر المؤكد بالنسبة لنا هو أن الخلاف الأميركي السعودي، وطالما أنه لم يلامس مصالح أي من البلدين، يبقى أزمة طارئة لا تعني شيئاً، والدليل على ذلك التصريحات التي يطلقها الاقتصاديون ورجال الأعمال، حيث أكدوا أن الروابط التجارية بين البلدين لم تتأثر، فالولايات المتحدة لا تزال هي المصدر الرئيسي لمعظم الاحتياجات العسكرية السعودية، بدءاً من مقاتلات «أف15» وحتى أنظمة القيادة والتحكم التي قُدرت قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات في السنوات الأخيرة. وقد صرّح رجل أعمال سعودي بأن كلام الأمير بندر بن سلطان لا يعني أننا سنبيع سندات الخزانة الأميركية التي تمتلكها السعودية أو نوقف عقود السلاح... هذا لن يحدث، فنحن نتحدث عن علاقة تحالف عمرها 60 عاماً، إنه فقط يحذر من التعامل معنا على أننا من المُسلَّمات. إدارة معلومات الطاقة الأميركية أكدت أن 15 في المائة من صادرات النفط السعودي توجهت للولايات المتحدة في عام 2012، بينما حصل الشرق الأقصى على 54 في المائة من صادرات السعودية من النفط الخام. وواقع الأمر أن القطاعات التي تبدو أكثر عرضة للتأثر هي تلك المتصلة بعقود الدفاع ومشروعات البنية التحتية. فقد أبرمت السعودية عقداً بقيمة 29,4 مليار دولار في عام 2011 لشراء 84 مقاتلة جديدة من طراز «أف15» الأميركية، واشترت 25 طائرة من طراز «سي130 جي» بما قيمته 6,7 مليار دولار. صحيح أن العلاقة تأثرت بعد 11 سبتمبر، لكنها الآن عادت أفضل مما كانت عليه سابقاً حيث توجد أعداد كبيرة من الطلاب السعوديين يدرسون في الجامعات الأميركية، مما يدل على أن العلاقة بين البلدين طبيعية.