في وقت يتنحى فيه الجنرال جون آلان عن مهامه كقائد لقوات "الناتو" في كابول خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع، لا بد من الوقوف عند عدد من الإنجازات التي حققها وتستحق أن يشار إليها. ذلك أن الرجل الذي تلطخت سمعته جوراً بسبب فضيحة بريد جيل كيلي الإلكتروني جدير بالإشادة والتنويه لمهمته الناجحة التي دامت 19 شهراً وجلبت الاستقرار والتقدم للمهمة الأميركية في أفغانستان. ولعل الأهم من ذلك هو أن تقييماً عادلاً لمهمة "آلان" يفترض أن يمنح أولئك المكتئبين بشأن الجهد الحربي الأمل، ويدفع أولئك الراغبين في تقليص قواتنا الحالية بسرعة من شدة الإحباط للتفكير وإعادة النظر. ولنتأمل التالي: - قوات الأمن الأفغانية أخذت تبلغ الحجم المخطط لها. والواقع أن الطريق نحو بلوغ الأهداف رُسم في عهد القائدين السابقين الجنرال ستانلي ماكرستل وديفيد بترايوس، إضافة إلى رئيسي قيادة التدريب التابعة لـ"الناتو" في كابول، ويليام كالدويل ودانيال بولجر، ولكن "آلان" هو من أشرف على ذلك وأتمه. ومع ذلك، فإن القوات الأفغانية مازالت تفتقر إلى بعض الإمكانيات الأساسية في القوة الجوية، والنقل الجوي، والمدفعية، والدعم اللوجستي، والتي قد تتطلب من الولايات المتحدة في عامي 2015 و2016 على قوة أكبر مما قد يدعو إليه البعض اليوم. كما أنه سيكون من المهم تفادي تقليص تلك القوة الأفغانية البالغ قوامها 350 ألف رجل بشكل مبكر بـ100 ألف جندي أو أكثر، مثلما يفضل البعض في واشنطن. - القوات الأفغانية تقود معظم العمليات، فعندما وصل "آلان" في صيف عام 2011، كانت هذه القوات تقود ثلث كل المهمات – المهمات الأكثر سهولة، والتي تتم في الأماكن الأكثر أماناً عموماً. أما اليوم، فإنها تقود 85 في المئة من كل العمليات، وتتولى المسؤولية الرئيسية عن الأمن في نحو ثلاثة أرباع البلاد. والواقع أن أرقام الإصابات تثبت رغبة هذه القوات في التضحية، حيث يفقد نحو 2000 شخص أرواحهم كل سنة. صحيح أن أرقام الإصابات هذه تشير أيضاً، للأسف، إلى أن العدو مازال قوياً. ولكن العدو ليس بصدد الفوز. - في جنوب أفغانستان، قلصت قوات "الناتو" حجمها بشكل جوهري في عهد "آلان"، كما خفض مجموع القوات الأميركية في أفغانستان من 100 ألف شخص إلى 68 ألفاً خلال الـ15 شهراً الماضية. ولكن الظروف الأمنية لم تتدهور. بالطبع، الاختبار الأكبر يأتي في عهد خلف "آلان"، الجنرال جوزيف دونفورد، وهو ضابط زميل في البحرية سيتعين عليه الإشراف على عملية سحب أكبر للجنود عندما ستُستبدل المهمة الدولية في أواخر عام 2014 ، بجهد أكثر تواضعاً. ولكن الانخفاض في هجمات العدو ومعدلات إصابات المدنيين– نحو 20 في المئة إلى 40 في المئة في إقليمي قندهار وهلمند– الذي تحقق منذ عام 2010 تقريباً مازال ثابتاً رغم انخفاض عدد الجنود الأميركيين بعشرات الآلاف. الهجمات الداخلية، ورغم أنها ما زالت تمثل مصدر قلق كبير، فإنها أخذت تقل على ما يبدو. وهي معضلة شغلت بال "آلان" خلال معظم مهمته، حيث يتم فقدان العشرات من الجنود الأميركيين أو جنود الناتو (وأعداد مماثلة من الجنود الأفغان الموالين) نتيجة هجمات قاتلة لعملاء "طالبان"، أو أفراد مختلين عقلياً، أو مجرمين بكل بساطة. غير أنه بفضل تحسين عمليات الفحص والتدقيق، التي تجرى بالتعاون مع السلطات الأفغانية، انخفضت عمليات القتل ضد الجنود الأميركيين وجنود التحالف الى النصف ربما خلال الأشهر الأخيرة. ورغم أن ذلك بشكل عام يعتبر إنجازاً للأفغان أنفسهم، والذين يلقون التشجيع من الهيئة الدبلوماسية، إلا أن "آلان" ساعد أفغانستان على البقاء على الطريق نحو الانتخابات الرئاسية في أبريل عام 2014. ومن جديد، سيتولى خلفه المهمة الأكبر، ولكن "آلان" يستحق الإشادة، لأنه أبقى الأمور على مسارها عندما كان البعض يدعون إلى ترشح كرزاي لولاية ثالثة أو يتوقعون منه تعيين أحد أشقائه للمنصب. والحال أن تغييراً ديمقراطياً وشرعياً في الزعامة ضروري وأساسي لمستقبل أفغانستان. ونظراً لكل ذلك، ونظراً لبيئة أفغانستان الأمنية المستقرة عموما، لم تزدد المخاوف من اندلاع حرب أهلية كثيراً خلال العامين الماضيين. صحيح أن ذلك قد يتغير مستقبلا؛ ولكن التقدم العسكري ساعد على فتح المجال لتقدم سياسي. ذلك أن الأفغان الذين كانوا يبدأون حواراتهم بالتعبير عن القلق من إمكانية اندلاع حرب أهلية قبل عام أو عامين، باتوا كثيراً ما يثيرون مواضيع أخرى الآن؛ وذلك يمثل خطوة إلى الأمام في بلاد الـ"هيندكوش". وعلاوة على ذلك، تحدث الزعماء الأفغان والباكستانيون مؤخراً عن التعاون بخصوص محادثات السلام مع "طالبان"، وهو مؤشر يبعث على التفاؤل أيضاً على اعتبار أن الحكومتين كثيراً ما كانتا تختلفان خلال السنوات القليلة الماضية. - ولئن كانت أفغانستان مازالت تعاني من الفساد، إلا أن تفويض "الناتو" لعقود الأمن واللوجستيك لشركات أفغانية تحسن كثيراً، حيث أعيد توجيه عشرات العقود بعدما اكتُشف أنها أبرمت مع جهات لها علاقة بمجموعات أفغانية فاسدة أو عنيفة. صحيح أن لا شيء مما ذُكر يسمح بتنبؤ قطعي بالنجاح؛ لكن أفغانستان والولايات المتحدة وحلفاءنا باتوا اليوم في موقف أفضل بكثير مما يعتقده الكثيرون بفضل زعامة "آلان" خلال أطول حرب خاضتها أميركا، والمقاتلون المذهلون الذين خدموا تحت امرته؛ وكل الدبلوماسيين وخبراء التنمية والموظفين المتفانين الآخرين الذي واصلوا الجهد الحربي في وقت آثر فيه معظم الباقين الانتقال إلى أمور أخرى. -------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»