كان الرجال في مكة عند ظهور الإسلام يلبسون العمائم على رؤوسهم، كما كانت الأردية والأُزُر تشكل اللباس الرئيس، وتُلبس فوقها أحياناً الحلل والقمص والبرود. ويكون لباس الرجل ملوناً أو أبيض اللون، مسبلاً أو قصيراً. وكان بنو عبد مناف يميزون أنفسهم بالأُزُر الحمر والأردية الصفر. وكان سادات العرب يصبغون عمائمهم بالزعفران، حيث استمرت العمامة لباساً للرجال في الإسلام، ومن ألوانها البيضاء والسوداء والمائلة إلى الحمرة. وكانت العمامة تلبس بعدة طرق، منها المرخية من الخلف وبعضهم يجعل منها تحت ذقنه شيئاً، بينما كان بعضهم يلفها على رأسه، ويردُّ طرفها على وجهه. أما القلنسوة، فتقول الباحثة إلهام البابطين "أنها تشير إلى الطاقية التي توضع تحت العمامة، وكانت معروفة في أول الإسلام، واستمرت في عهده، ومنها البيضاء ومنها السوداء" (الحياة الاجتماعية في مكة، ص 350). وقد ارتدى المسلمون الأوائل البرنس، ونُهي عن لبسه في الإحرام، وهناك من الدراسات ما يفيد بكراهة بعض العلماء للبسه "على اعتبار أنه كان من لباس النصارى" (كتاب الملابس العربية في الشعر الجاهلي، يحيى الجبوري، ص 90). أما "الجُبَّة" فضربٌ من الثياب لبسها الرجال في مكة عند ظهور الإسلام، منها البيضاء ومنها الملونة، ومن أنواعها الشامية الواسعة الأكمام، وبعضها بدون أكام أو قصيرة الأكمام. أما "الرداء" فهو المعطف، وقد استمر لباساً للرجال في الإسلام طوال قرون. وكانت للنساء بعض الألبسة المشتركة مع الرجل، من ناحية التسمية مع اختلاف في الشكل واللون بالطبع. ومن الملاحظ ، تقول الباحثة، "إن لباس الحرائر من النساء يختلف أحياناً عن لباس الإماء، ولباس المترفات وميسورات الحال يختلف عن لباس بقية النساء. ومن الثياب التي لبستها نساء مكة "الرازقية"، وهي من كتان أو قطن امتازت برقتها ونعومتها ولونها الأبيض الذي قد تخالطه زرقة. ومنها "القبطية"، وهي "من الكتان الأبيض رقيقة شفافة لذلك يلبسنها تحت غلالة. وكان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ينهي النساء عن لبس القباطي، ويقول: فإنه إن لم يشف فإنه يصف". ولكن "القبطية" استمرت معروفة في مكة فترة طويلة. وتقول الباحثة: "إن بعض نساء العرب قبل الإسلام كن يغطين شعورهن ورقابهن بغطاء تظهر منه مقدمة الرأس، ومن لباس الرأس للنساء منذ العهد السابق للإسلام الخمار". وعن مدى تحجب النساء تبين الباحثة أن النساء كن "يغطين رؤوسهن بالخُمُر، ويسدلنها من وراء الظهر فتبدو نحورهن وبعض صدورهن". ولم يكن الخمار من ملابس المرأة فحسب، بل كان يمثل وقار المرأة وهيبتها، "فعندما شعرت أم حبيب بنت عبد شمس أنها أُهينت اجتماعياً نزعت خمارها، وقالت لابن أخيها حرب بن أمية، لا ألبس خماري حتى يرد اعتباري. وفي أول الإسلام، عندما أسلم مصعب بن عمير حاولت أمه أن ترده عن إسلامه فقالت: والله لا ألبس خماراً حتى تدع ما أنت عليه". ومما تؤكده الدكتورة البابطين، أن لباس الخمار كان "قاصراً على الحرائر من النساء دون الإماء، وأوردت الروايات أن الخليفة عمر بن الخطاب ضرب مرة إحدى الإماء عندما رأى الخمار عليها حتى نزعته". وعن النقاب تقول الباحثة إن "النساء لبسن النقاب قبل الإسلام، وفي أول الإسلام، واستمر لباساً للمرأة". أما "الجلباب" فكان اللباس الخارجي للنساء لاسيما عند خروجهن من البيت، وقد اختلفت المصادر في تعريفه، فقيل هو الإزار والرداء، وقيل الملحفة والخمار، وقيل هو كالقناع تغطي به المرأة رأسها وصدرها وظهرها. ويبدو أن الجلباب أيضاً اقتصر لبسه على الحرائر من النساء، دون الإماء، لذلك "عندما رأى عمر بن الخطاب جاريةً لابسة جلباباً سألها: أعتقك مولاك؟ فأجابت: لا، فقال لها: فما بال الجلباب"! وتقف الباحثة باستفاضة عند مجالات الزينة والحلي، للرجال والنساء معاً، في مكة خلال فترة صدر الإسلام والعهد الأموي. وتذكر أن الناس آنذاك كانوا يهتمون بنظافة الشعر والجسم، ويستخدمون مسحوق أوراق السدر لغسل الرأس، وطين أبيض موجود في مكة كان الوافدون إليها يحملونه معهم عند العودة من الحج. ومما كان معروفاً بين النساء عند ظهور الإسلام اتخاذ الشعر المستعار، ورغم نهي الإسلام عنه، فإن بعض النساء تعاطينه في العهد الأموي. كما نهى الإسلام عن تنميص الحاجب، بينما تغزل بعض الشعراء في العهد الأموي بحواجب النساء الرقيقة. وكان الخضاب من علامات الزينة في أيدي النساء وأقدامهن. ورغم كثرة الأحاديث التي تنهي عن الوشم فإنه ظل مستمراً وبخاصة في "هذيل". وخلال العهد الأموي أكثر الشعراء من ذكر "الخلاخيل الخروس" أي الصامتة التي لا تحدث صوتاً عند مشي المرأة، وهي الخلاخيل الضيقة، أما المرأة التي كان خلخالها يجول ويتحرك في ساقها فذلك كناية عن نحافة ساقها، وهي صفة غير مستحبة وفقاً لمقاييس الجمال في ذلك الزمن. وقد أولع العرب بالطيب فتزينوا به، وضمخوا رؤوسهم به وأجسامهم وثيابهم وبيوتهم، وتعطروا في مجالسهم وفي أفراحم وأعيادهم. وفي صدر الإسلام وردت إشارات إلى أنواع من الطيب، منها ما يصلح للرجال، ويقال له "ذكارة الطيب"، ومنها ما يحسن للنساء ويقال له "مؤنث الطيب"، ومنه الخالص ومنه المخلوط بمواد عطرية أخرى مثل العبير والعنبر والزعفران والكافور والخزامى. وكان لرجال مكة عند ظهور الإسلام شعور طويلة يمشطونها ويرجلونها ويسدلونها وراءهم أو يفرقونها ويضفرونها ضفائر أو ذوائب. أما في الإسلام فكان الرجال يقصّرون شعورهم، ولكن الكثير من الإشارات تفيد بأن شعور الرجال كانت طويلة أيضاً. وعرف أهل مكة خضاب الشعر ليبدو أكثر شباباً ووسامة، وكان "عبدالمطلب" من أوائل الذين خضبوا شعورهم بوسمة جاء بها من اليمن، ثم اقتدى به أهل مكة. وكان تغيير لون شعر اللحية موضع خلاف بين الفقهاء في مكة، ودار الجدل حول الخضاب والحناء. وعلاوة على ذلك، كان الاكتحال معروفاً في مكة بين الرجال قبل الإسلام، ولما جاء الإسلام شاع استعماله، وذلك لأن الرسول كان يستعمله ويثني عليه لما فيه من فائدة. ومن مظاهر الزينة لدى الرجال في الإسلام إلحاف الشارب، أي قصه. وكان عبدالله بن عمر يلحف شاربه. وكان الرجال عند ظهور الإسلام يتزينون بالخواتم من الذهب، ثم نهى الإسلام عن التختم بالذهب. وهناك إشارات تفيد بأن بعض الفتيان والمغنين كانوا يتحلون بأنواع من الحلي، كما كان بعض الرجال يشدون أسنانهم بالذهب... وكان ذلك يثير حفيظة الفقهاء ورجال الدين!