أورد العديد من أجهزة الإعلام تقارير متعددة عما يسمى بأكاديمية التغيير التي تأسست في لندن عام 2006، وفتحت فرعين لها الأول في الدوحة في 2009، والثاني في فيينا عام 2010. وقد برز الحديث عن هذه الأكاديمية بقوة إلى السطح بعد أن تبين أن لها دوراً لا يمكن إغفاله في أحداث ما يسمى بالربيع العربي، وبالذات فإن الموضوعات التي تقدمها للشباب العربي تتعلق بإعدادهم وتأهيلهم لقيادة هذا الحراك وإحداث تغيير في دولهم. وعند التعمق في دراسة هذه الأكاديمية من خلال أدبياتها هي، وليس من خلال ما كتب عنها، يتبين أنها نشأت في أحضان تنظيم "الإخوان المسلمين"، فمؤسسها هو الدكتور هشام مرسي ابن الدكتور مرسي علي المرسي مصري الجنسية ومقيم بقطر لفترة طويلة، ومنتمٍ لجماعة "الإخوان المسلمين". كما أن مؤسس الأكاديمية هو زوج ابنة الشيخ القرضاوي، والأكاديمية هي جزء من شبكة مؤسسات تعمل في التدريب منتشرة في العالم العربي وخارجه يديرها أعضاء في تنظيم "الإخوان المسلمين" مثل مشروع النهضة وغيره. وعند الاطلاع على أهداف أكاديمية التغيير يتجلى بوضوح أنها تسعى لإسقاط الأنظمة الحاكمة في العالم العربي عبر إثارة الفوضى والاحتجاجات فيه كما جاء في الهدف الثالث من أهدافها "تدريب كوادر مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والأفراد على استراتيجيات ووسائل التغيير"، والمقصود هنا باستراتيجيات التغيير هي كيفية إسقاط الأنظمة من خلال استهداف رموز الدولة أولاً وبالذات أجهزة الأمن ومن ثم استخدام العديد من الوسائل مثل الاحتجاجات والمظاهرات والإضرابات لتحقيق ذلك، ولديهم دورات متخصصة وفق مستويات متعددة. ولأن هذه الأكاديمية تسعى إلى تحقيق أهداف كبرى مثل استهداف أنظمة حاكمة، والعمل على إسقاطها، فمن المنطقي التساؤل عمن يقف وراء مثل هذا المشروع الكبير، ومن يوفر له الحماية والدعم؟ وهل يكفي التمويل الذاتي كما يزعم القائمون عليه لتحقيق ذلك؟ والعجيب أن الأكاديمية تعرّف نفسها بأنها مؤسسة غير ربحية، فهل هناك ربح أكبر من إسقاط أنظمة حاكمة وإحلال أتباعها مكانها، وبالذات أنها بدأت تركز جهودها على دول الخليج كما هو واضح من خلال الدورات التي نظمتها لبعض أبناء الخليج من المنتمين إلى تنظيم "الإخوان المسلمين" أو من المتأثرين بهذا الفكر، وممن يمكن السيطرة عليهم وتوجيههم، وقد برزت نتائجها في بعض الممارسات العملية التي نشاهدها يوميّاً في مشاركات بعض من حضروا هذه الدورات في استغلالهم لأدوات الإعلام الاجتماعي وفق منهجية محددة ذكرت في أدبيات أكاديمية التغيير مثل تركيز الهجوم على أجهزة الأمن بطريقة متواصلة لإسقاط هيبة هذه الأجهزة عند المواطنين، ومحاولة تنظيم مظاهرات أو احتجاجات أو اعتصامات لأي سبب من الأسباب لتعويد الناس على ذلك ومن ثم تطويرها بعد ذلك لكي تتحول إلى تحرك لإسقاط النظام. إن مما يجدر التنبيه إليه أن أكاديمية التغيير على رغم ارتباطها بـ"الإخوان المسلمين" إلا أننا لا نجد في أدبياتها ذكراً لآية أو حديث، هذا فيما اطلعت عليه منها، وهو ما قد يدل على أن تنظيم "الإخوان المسلمين" قد اعتمد استراتيجية مختلفة لتحقيق أهدافه يوظف فيها واجهات جديدة ومتعددة لتحقيق ذلك.