ينطلق هذا الأسبوع السباقُ على الترشيح الرئاسي "الجمهوري" لـ2012 خلال "مؤتمر العمل السياسي المحافظ" في واشنطن. وقد يقول قائل: إن الوقت مازال مبكراً؛ لكن بالنظر إلى أنه لم يعد يفصلنا عن انتخابات آيوا ونيوهامبشير التمهيدية سوى 12 شهراً، فإن الانتظار أكثر قد يعني أن الأوان قد فات بالنسبة لأي شخص يريد الترشح لمنصب الرئيس، للانكباب على العمل الصعب المتمثل في جمع التبرعات وتجنيد الموظفين واستمالة النشطاء "الجمهوريين". وفي ما يلي الاعتقاد السائد بشأن حالة السباق "الجمهوري": هناك في الواقع مكانان فقط على بطاقة الاقتراع "الجمهورية": واحد مخصص لميت رومني، حاكم ولاية ماساتشوسيتس السابق الذي فاز في تسع من المحطات في الانتخابات التمهيدية لعام 2008، والآخر مخصص لشخص غير ميت رومني – شخص مثل سارة بالين، أو مايك هاكابي، أو تيم بولنتي. والجدير بالذكر هنا أن "رومني" يتنافس على الترشيح "الجمهوري" وفق الطريقة القديمة التقليدية؛ حيث جمع أموالًا أكثر من أي متسابق آخر (6.3 مليون دولار للجنة العمل السياسي التابعة له خلال العامين الماضيين)؛ وأمضى معظم العام الماضي في جمع وعود وتعهدات برد الجميل أثناء مساعدته للمرشحين "الجمهوريين" عبر البلاد على الفوز بمقاعد في مجلسي النواب والشيوخ؛ ثم إنه المرشح القوي والأوفر حظاً في استطلاعات للرأي في "نيوهامبشير"، وهي أول ولاية في الانتخابات التمهيدية. ويمكن القول إنه في حال عمل الحزب "الجمهوري" بالطريقة التي كان يعمل وفقها، فإن "رومني" سيكون هو المرشح المفترض. فعلى مدى عقود، كان الحكام ورؤساء الحزب على صعيد الولايات يتكتلون ويلتفون مبكراً حول مرشح مخضرم ومحنك كبوش الأب في 1988، وبوب دول في 1996، وبوش الابن عام 2000 . بيد أن الحزب لم يعد يعمل بتلك الطريقة اليوم؛ ذلك أن احتياج السياسة لشبكة الإنترنت وصل إلى ديموين (عاصمة ولاية آيوا) مثلما وصل إلى القاهرة؛ والحركات التمردية مثل "حركة الشاي" يمكن أن تضرم النار بغض النظر عما يعتقده زعماء الحزب. ورغم أن "رومني" من المعجبين والمتأثرين بنهج وسياسيات ريجان عموماً، يجد الكثير من "المحافظين أنه شخص من الصعب أن يحبه المرء؛ حيث منح ولايةَ ماساتشوسيتس مخطط تأمين صحي منظم ومقنن من قبل الولاية يرى البعض أنه يشبه إلى حد كبير مخطط أوباما الخاص بالرعاية الصحية. كما أنه دعم، ومازال يدعم، مخطط الإنقاذ المالي للبنوك في 2008. صحيح أن كلاً من هاتين المبادرتين اللتين تندرجان ضمن سياسة "الحكومة الكبيرة" قد نجحا إلى حد كبير – إلا أن كليهما مكروهان من قبل "حركة الشاي". وهو ما يترك الفرصة مواتية لشخص آخر – شخص يستطيع تحميس "المحافظين" مالياً في حركة "حفلة الشاي"، و"المحافظين" اجتماعياً في الانتخابات التمهيدية لـ"الجمهوريين" بولاية آيوا. هذا الشخص قد يكون سارة بالين، حاكمة آلاسكا السابقة التي تلقى إعجاباً بين أعضاء "حركة الشاي". ولكن المخططين الاستراتيجيين "الجمهوريين" والعديد من النشطاء في قاعدة الحزب لا يعتقدون أنها ستترشح؛ وهو ما يفسر ربما طول قائمة المرشحين الممكنين لشغل المكان غير المخصص لرومني على بطاقة الاقتراع "الجمهورية". وهذه القائمة يتصدرها "هاكابي"، حاكم أركانسو السابق الذي فاز في انتخابات آيوا التمهيدية في 2008 ولكنه لم يقرر بعد ما إن كان سيعيد المحاولة مرة أخرى؛ وبولنتي، حاكم مينيسوتا السابق الذي كان يخوض حملة انتخابية نشطة في آيوا. نظرياً، قد يكون "بولنتي" منافساً قوياً لـ"رومني" من اليمين؛ ذلك لأنه "محافظ" مالياً حيث قام بخفض ميزانية ولايته، وظل مع ذلك يحظى بشعبية كبيرة بين الناخبين. كما أنه محافظ اجتماعياً حيث اقترح استئناف العمل بمبدأ "لا تقل، لا تقل" (السياسة التي كانت تحظر على المثليين المجندين التصريح بميولهم الجنسية أثناء خدمتهم في الجيش). ولكن على التلفزيون وشخصياً، يبدو بولنتي فاقداً للون والطعم، ومفتقراً لجاذبية الشخصية – حتى الآن على الأقل. وهنا تبرز جدوى وأهمية "مؤتمر العمل السياسي المحافظ"، الذي ينعقد هذا الأسبوع و"مسابقات جمال" أخرى مبكرة؛ وذلك لأنها تشكل فرصة لشخصيات غير معروفة مثل "بولنتي" لتحصل على بعض الأضواء ويتعرف عليها الناس. ولكن ما هي الأسماء الأخرى التي ستشارك في هذا المؤتمر أيضاً؟ رئيس مجلس النواب السابق "نيوت جينجريتش"، وحاكم "إنديانا ميتش دانييلز"، وحاكم ميسيسيبي هالي باربر، وحاكم يوتا السابق جون هانتسمان، والسيناتور السابق ريك سانترون من بنسلفانيا، وبطل الحقوق الفردية النائب "رون بول" من تكساس، وبطلة "حركة الشاي" النائبة ميتشل باتشمان من مينيسوتا، والسيناتور جون ثيون من داكوتا الجنوبية، وآخرون. (بالين وهاكابي لن يشاركا). ويوم السبت، سيُجري المؤتمر تصويتاً غير رسمي لمندوبيه؛ سيحظى على الأرجح بتغطية كبيرة في وسائل الإعلام. ولكنه ليس مهماً، ولن يتنبأ بالفائز بالترشيح. (فرومني فاز في هذا التصويت غير الرسمي قبل أربع سنوات؛ وفاز فيه رون بول العام الماضي أيضاً). ولكن الأهم من ذلك هو ما سيقوله المرشحون الممكنون وما إن كان أي منهم سيسجل بعض النقاط – أو سيرتكب أخطاء. وفي استطلاعات الرأي التي أجريت حتى الآن، يشير الناخبون "الجمهوريون" باستمرار إلى أربعة مرشحين ممكنين باعتبارهم اختيارهم الأول، وفق ترتيب قد يختلف قليلاً: رومني، وبالين، وهاكابي، وجينجريتش. غير أن ذلك ليس تنبؤاً بالمآل الذي ستؤول إليها الأمور في النهاية؛ ذلك أن الجواب على السؤال نفسه قبل أربع سنوات أشار إلى عمدة نيويورك السابق رودي جولياني، الذي لم يفز بالترشيح في نهاية المطاف. غير أن استطلاعات الرأي تلك تكشف عن عامل مثير للاهتمام: فمن بين المرشحين الأربعة الأكثر شهرة، يبدو رومني وهاكابي مقبولين من قبل كل الجمهوريين تقريباً – في حين يحصل كل من بالين وجينجريتش على تقييم "غير إيجابي"، ما يعني أنهما سيواجهان صعوبة أكبر في إقناع الناخبين "الجمهوريين" والترويج لترشحهما. وفي هذه الأثناء، وجد استطلاع للرأي أجرته قناة "سي. إن. إن" الشهر الماضي قدراً من البراجماتية الانتخابية بين الناخبين "الجمهوريين"، رغم الحماس الإيديولوجي لـ"حركة الشاي"، إذ قال أكثر من ثلثي الناخبين "الجمهوريين" على الصعيد الوطني إنهم يريدون، أكثر من أي شيء آخر، مرشحاً قادراً على هزم أوباما؛ في حين قال أقل من الثلث إنهم يصرون على مرشح يشاطرهم مواقفهم تجاه أهم المواضيع. والواقع أن أوباما ومخططيه الاستراتيجيين قلقون منذ بعض الوقت بسبب تباطؤ اقتصاد البلاد والمعركة الصعبة التي سيواجهونها في حال ظلت البطالة مرتفعة. وفي حال التزم نشطاء "مؤتمر العمل السياسي المحافظ" و"حركة الشاي" بالعمل معاً من أجل أي مرشح "جمهوري"، فالأكيد أن ذلك سيثير قلقهم أكثر. أما إذا استطاع "الجمهوريون" استغلال حماس حركة الشاي في حملة وطنية محكمة التنظيم، سواء كانت الوسيلة "رومني" أو "بولنتي" أو شخصاً آخر، فإن أوباما قد يجد نفسه أمام أكبر وأصعب معركة يخوضها في حياته! دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"