كل منجز جديد يتحقق على أرض الوطن يضيف نجاحاً تلو الآخر في ذاكرة أبناء هذا البلد المعطاء، فالتعاون والتعاضد والتماسك والحكمة التي أطرت سياسات الدولة منذ نشأتها متواصلة وراسخة وتتأكد صلابتها يوماً بعد يوم، في وطن انسجمت مكوناته دوماً، وتكاملت لبناته جسداً واحداً لا يقبل إلا التميز، ولا تزيده الشدائد إلا تماسكاً ولُحمةً ورغبةً في نجاحات أكثر. توديع عام مضى واستقبال آخر، فرصة لإلقاء نظرة سريعة على ما تم إنجازه فيه، لننطلق منه نحو طموحات جديدة، وفي الإمارات شهد عام 2009 إنجازات كبيرة بكافة مناطق الدولة، وهو ما تحقق بفضل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، حيث وضع تحقيق الأفضل للوطن والمواطن على رأس أولوياته، ما جعل مجلة "نيوزويك" الأميركية تختاره ضمن الـ50 شخصية الأكثر تأثيراً في العالم. دبلوماسية في خدمة التنمية السياسة الخارجية للدولة حفلت بإنجازات لافتة، وخطت خطوات واسعة نحو خدمة قضايا التنمية الوطنية خاصة في مجال الطاقة، تلبية للطلب المتنامي عليها، وكانت هذه الأخيرة محور اهتمام الدولة مطلع العام 2009، وهو ما ظهر واضحاً عبر توقيع الإمارات لثلاث اتفاقيات للتعاون النووي السلمي مع الولايات المتحدة الأميركية واليابان وكوريا الجنوبية، أثمرت في 28 ديسمبر توقيع عقد مع كوريا الجنوبية لإنشاء أربع محطات نووية بقيمة 75 مليار درهم. كما تم افتتاح "معسكر السلام البحري" في أبوظبي، وذلك ضمن معاهدة الدفاع المشترك التي تم توقيعها مع فرنسا في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين. ونجحت الدولة في استضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا"، لتكون الدولة الأولى في المنطقة التي تحتضن وكالة دولية بهذه الأهمية، ما يحقق طموحاً محلياً يجعل الدولة قاعدة لتنويع مصادر الطاقة وحماية البيئة. وسعت الإمارات خلال العام المنصرم إلى تطوير مجالات التعاون مع الصين في النفط والاقتصاد والشؤون العسكرية، وبدا ذلك واضحاً في زيارة سمو ولي عهد أبوظبي لبكين نهاية يوليو الماضي. كما تواصلت المبادرات الإنسانية للدولة خلال 2009، ففي 2 يوليو الماضي، وقعت "مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان الإنسانية" اتفاقية شراكة وتعاون مع مؤسسة "فيرجن يونتي العالمية" لإطلاق مبادرات مشتركة في مجالي التعليم والصحة في خمس دول آسيوية وأفريقية. وتبرعت الحكومة بـ150 مليون دولار لإقامة معهد الشيخ زايد لجراحة الأطفال في واشنطن. مؤسسات جديدة على الصعيد المحلي شهد 2009 انطلاق مؤسسات جديدة، ففي 16 مارس الماضي تم إنشاء نيابة عامة للأسرة في أبوظبي، وفي دبي تم توسيع وتشكيل نيابات جديدة، وفي الشهر نفسه صدر قانون بإنشاء حكومة دبي الإلكترونية. وسعياً إلى تطوير وتسريع الخدمات الصحية بالدولة، أطلقت الشركة الوطنية للضمان الصحي "ضمان" في 15 أبريل الماضي، بوابتها الإلكترونية لتكون أول بوابة إلكترونية لخدمات التأمين الصحي في المنطقة. كما تم تعيين أول قاضية مواطنة في محاكم دبي، بعد أن أدت القاضية ابتسام علي راشد بدواوي، في 26 مارس الماضي اليمين القانونية أمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كما تم إصدار قرار بإنشاء نيابة متخصصة في قضايا الإعلام بأبوظبي تتولى التحقيق والتصرف في كل القضايا المتصلة بهذا الشأن، وذلك وفق قرار تم إصداره في 14 يونيو الماضي. وفي يونيو أيضاً تم إطلاق القمر الاصطناعي "دبي سات-1"، وهو أول قمر اصطناعي إماراتي يتم إطلاقه إلى الفضاء. وفي 9 سبتمبر الماضي، دشن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مترو دبي بكلفة إجمالية تصل إلى 28 مليار درهم. ومن أجل تطوير قطاع النقل، أصدر صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله مرسوماً في 7 يوليو الماضي بقانون اتحادي يقضي بإنشاء شركة للقطارات تحمل اسم "شركة الاتحاد للقطارات" برأسمال مليار درهم مما يعد انطلاقة تهدف إلى ربط مناطق الدولة بشبكة سكك حديدية متطورة. وفي 14 نوفمبر تم افتتاح مركز الشيخ زايد للملاحة الجوية التابع للهيئة العامة للطيران المدني في أبوظبي، وذلك من أجل تعزيز قطاع الطيران المدني في الدولة. وضمن جهود الدولة لمعالجة التركيبة السكانية، تم إنشاء المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية، وذلك بناء على قرار اعتمده صاحب السمو نائب رئيس الدولة في 10 نوفمبر الماضي. اقتصاد يواصل الصعود على الصعيد الاقتصادي، نجحت الإمارات في تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية، وحافظ اقتصاد الدولة على قوته ومتانته خلال 2009، رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية التي عصفت باقتصاديات كثيرة حول العالم، وذلك بفضل الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة. ونجح القطاع المصرفي بالدولة في الحفاظ على مكانته كأكبر قطاع مصرفي عربي، وواصل تمويل المشاريع التنموية. وأبدى القطاع العقاري في الدولة مرونة في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية، حيث عدلت بعض الشركات مشاريعها لتكون مخصصة لمتوسطي الدخل. وتواصلت المعارض العقارية خلال 2009، فكان معرض "أبوظبي للعقار والاستثمار إيريس 2009"، ثم دورة "سيتي سكيب أبوظبي في أبريل 2009، و"سيتي سكيب دبي أكتوبر 2009، و"جيتكس 2009 للتقنية" في دبي، ومعرض كونمكس 2009، بمركز إكسبو الشارقة. ومعرض بليدكس 2009 (16-18) ديسمبر بمركز الفجيرة للمعارض. مشروعات واعدة حضرت المنطقة الغربية بقوة كوجهة تنموية واعدة، فقد زار صاحب السمو رئيس الدولة المنطقة في7 نوفمبر الماضي للإطلاع على المشاريع البترولية والإسكانية والعمرانية والسياحية، وفي الأول من مارس الماضي أُُُُُعلن عن اكتشاف أثري في المنطقة ذاتها يعود إلى 5 آلاف سنة، وهو الأول من نوعه في شبه الجزيرة العربية، مما يعزز أهمية المنطقة ببعدها التراثي والثقافي. وفي إطار تعزيز بنى الدولة التحتية، أنجزت عجمان مطلع أكتوبر الماضي تصميم شبكة الطرق الداخلية في مشروع الزوراء بكلفة 320 مليار درهم، وأنهت بناء أكثر من 200 بيت شعبي. وأنجزت أم القيوين تطوير ورصف الطرق الداخلية لمنطقة السلمة بطول 38 كيلو مترا، ومد خطوط جديدة للمياه بطول 75 كيلو مترا، وفي رأس الخيمة تم اعتماد مبلغ 195 مليون درهم لتطوير 9 موانئ، كما تم تطوير عدد من المشروعات الصناعية في مجالات صناعة الزجاج والأدوية والسيراميك والأسمنت. وشهدت الفجيرة افتتاح عدد من المراكز الصحية، وعدة مشاريع حيوية خاصة بالمياه والكهرباء. وفي 14 أكتوبر الماضي تم تدشين جسر الشيخ خليفة لربط جزيرة السعديات بمدينة أبوظبي، هذا بالإضافة إلى المشروعات السياحية التي يجري تنفيذها في جزيرتي السعديات وياس ومنطقة شاطئ الراحة في أبوظبي. وقد حصلت هيئة أبوظبي للسياحة على جائزة أفضل هيئة سياحية في العالم على هامش فعاليات سوق السفر في لندن. وفي مايو الماضي، بدأت دبي تسليم الوحدات السكنية الخاصة بمشروع "عود المطينة"، بكلفة تتجاوز مليار درهم. وفي الشارقة تم في أغسطس الماضي افتتاح "نفق ميدان الثقافة" وميدان الشيخ حميد بن صقر (الطبق الطائر) وجسر طريق مليحة "الجسر الصناعي الثالث". منجزات ثقافية على الساحة الثقافية، شهدت الدولة في 2009 حراكاً ثقافياً كبيراً، شمل مهرجانات فنية وموسيقية وسينمائية ومسابقات شعرية، ففي مارس الماضي انطلقت الدورة التاسعة لبينالي الشارقة الدولي للفنون، وحصلت الشارقة على لقب عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2014. واستضافت أبوظبي في أبريل الماضي، وللمرة الأولى بالمنطقة، مهرجان "ووماد" بحضور أشهر الفرق الموسيقية العالمية. وضمن مساعي الدولة لإحياء عصر الفن الجميل والحفاظ عليه، نظمت أبوظبي في مايو الماضي أولى حفلات "مهرجان أنغام من الشرق" في دورته الثانية، وشهدت دبي في نوفمبر الماضي النسخة السادسة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، ومهرجان دبي لمسرح الشباب. واستضافت الدولة الدورة الثالثة من "مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي" الذي أقيم في أبوظبي خلال الفترة من 8 إلى 17 أكتوبر. وفي الدورة الخامسة عشرة من مهرجان القاهرة للإعلام العربي، حصدت الإمارات ثماني جوائز ذهبية، لمؤسسات إعلامية في أبوظبي ودبي والفجيرة. ونظمت الشارقة في مارس الماضي، الدورة التاسعة عشرة لأيام الشارقة المسرحية، وفي الشهر نفسه، أطلقت "هيئة دبي للثقافة والفنون" جائزة لتكريم رعاة الفن حول العالم، تحت اسم "جائزة محمد بن راشد آل مكتوم لداعمي الفن"، كما نظمت دبي في مارس الماضي أيضاً مهرجان دبي الدولي للشعر، بحضور 100 شاعر من 45 دولة. هذا كله إضافة إلى جائزة الشيخ زايد للكتاب في موسمها الثالث، ومعرض أبوظبي للكتاب في نسخته التاسعة عشرة، وجائزة "البوكر العربية"، ومسابقتي أمير الشعراء، وشاعر المليون. طفرة رياضية الملاعب كانت أيضاً ساحة للتميز في 2009، ففي يناير انطلق ماراثون دبي العالمي، وفي فبراير فازت طالبات الإمارات بلقب بطولة الكرة الطائرة لطالبات جامعات دول مجلس التعاون. وفي سبتمبر الماضي قدم منتخب الشباب لكرة القدم أداء مشرفاً في كأس العالم للشباب، حيث تأهل لدور الثمانية في البطولة. واستضافت أبوظبي في أكتوبر الجولة الختامية لبطولة العالم لـ(الفورميلا-1)، كما تمكن منتخب الناشئين، في نوفمبر، من الصعود إلى دور الـ16 في "مونديال نيجيريا". وفي نوفمبر أيضاً نجحت دبي في تنظيم كأس العالم للكرة الشاطئية. وفي ديسمبر نجحت الإمارات في استضافة كأس العالم للأندية، الذي أقيم في أبوظبي. كما أحرز رياضيو الإمارات نجاحات إقليمية ودولية، من بينها حصول عمر السالفة على ذهبية الـ200 متر في بطولة آسيا الثامنة عشرة بالصين، ومحمد خميس الذي حصل على ذهبية أثقال المعاقين في بطولة هولندا الدولية. ومن إنجاز إلى آخر تزداد الإمارات ألقاً وتتأكد متانة الأسس التي قامت عليها، ومن المأمول أن يتناغم المواطنون رؤية وطموحاً مع هذا الألق- ومع هذا التكاتف والترابط العضوي الفتي الواضح في إنجازات العام المنقضي- بعمل متواصل وجهد دؤوب من أجل رفعة هذا الوطن المعطاء... فوداعاً لـ2009 ... وأهلاً بالعام الجديد.