قرر وزراء خارجية مجموعة دول منظمة "الإيغاد" في اجتماعهم الذي عقد قبل أيام معدودات، دعوة رؤساء دولهم إلى قمة تعقد بصورة خاصة للنظر في مدى تنفيذ اتفاقية "نيفاشا" التي حققت السلام في السودان ولماذا لم يتم تطبيق ما جاء في الاتفاقية رغم مرور أكثر من سنتين على البدء بتنفيذها. وبديهي أن يدعي الطرفان الموقعان على هذه الاتفاقية (وهما حكومة السودان و"الحركة الشعبية" ممثلة للجنوب) للاستماع إلى وجهة نظر كل منهما والتعرف على ما تحقق تنفيذه وما لم يتحقق ومعرفة أسباب ذلك. ورغم أن أيّة جهة لم تعلن ذلك، لكن يبدو أن هذا التحرك يتم استجابة لطلب أو اقتراح من "الحركة الشعبية" التي أعلنت قبل حين أنها سترجع لمنظمة "الإيغاد" أمر التباطؤ والتلكؤ في تنفيذ الاتفاقية من جانب شريكها في الاتفاقية والحكم، لأن منظمة "الإيغاد" هي المنظمة الإقليمية التي رعت ذلك الاتفاق مدعومة بالجماعة التي تسمى مجموعة أصدقاء "الإيغاد" وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والنرويج وسويسرا وإيطاليا وغيرها من دول الغرب. إن الشريكين السودانيين يتهم كل منهما الآخر بالتقصير، ولهذا فقد يكون الحكم الأعدل أن ننظر فيما يقوله الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لأن منظمته واحدة من الجهات الضامنة للاتفاقية، ثم إن لها وجوداً عسكرياً وأمنياً في السودان يراقب تنفيذ تلك الاتفاقية يوماً بعد يوم. يقول السيد "بان كي مون" في آخر تقرير رفعه لمجلس الأمن في شهر يناير من العام الجاري إن هناك تقدماً ما في تنفيذ الاتفاقية ولكن ما زالت هناك قضايا أساسية عالقة، ثم يحصي هذه القضايا في عدة نقاط منها على سبيل المثال لا الحصر: - الاختلاف حول وضع المنطقة الحدودية المعروفة باسم "أبيي" التي أصدر المحكمون فيها رأياً ترفض حكومة "الإنقاذ" الاعتراف به. - عدم تحديد حدود الشمال والجنوب وفق ما كان ماثلاً عند إعلان استقلال السودان في (1 يناير 1956). - عدم استيعاب كل المليشيات العسكرية التي خلقتها الحكومة السودانية لتكون عوناً لها في حربها ضد الحركة الشعبية خلال 21 عاماً. - التلكؤ في الإعداد للانتخابات العامة التي يفترض أن تجرى عام 2009، ذلك لأنه حتى الإحصاء السكاني لم يبدأ تنفيذه. - الإبقاء على قوانين مهمة ذات طابع شمولي وعدم إلغائها واستبدالها بقوانين تستوحي ما جاء في الاتفاقية وعلى رأس تلك القوانين قانون جهاز الأمن الوطني الذي ظل كما كان قبل الاتفاقية التي نصت على أن يكون جهاز الأمن خاصاً بجمع المعلومات فقط، وكذلك الإبقاء على قانون الشرطة. إن المدقق فيما ذكره تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وفي واقع الحال، يدرك أن أهم أسباب عدم التنفيذ هو أن جماعة "الإنقاذ" ليست راضية ولا على قناعة بانتقال ما عندها من سلطات لإقامة نظام ديمقراطي يكفل الحريات ويحميها، وما لم يتبدل هذا النهج فإن المشكلة ستظل قائمة في انتظار حلول تأتي من خارج السودان. إن آمالاً عراضاً تتعلق الآن بما ستفعله القمة المرتقبة لدول "الإيغاد"، وبالطبع فإن مجموعة "أصدقاء الإيغاد" لن تكون بعيدة عن ذلك الاجتماع وقد تكون شريكة فيه.