أخطأت في مقالي الذي نشرته الأسبوع الماضي، عندما أعلنت أن حكومة السودان تراجعت عن قرارها الأول، وقبلت بمشاركة قوات من الأمم المتحدة في المشاركة مع قوات الاتحاد الأفريقي ومواجهة الوضع المتردي في إقليم دارفور، ولم يكن ذلك التقدير دقيقاً إذ أن ما حدث كان خطوة نحو ذلك الاتجاه، الذي يبدو أنه تحقق الآن بعد اجتماع خاص، عقد لذلك الغرض في أديس أبابا، وشاركت فيه حكومة السودان والقيادة التنفيذية للاتحاد الأفريقي، وكذلك من يمثل الأمم المتحدة، حدث ذلك يوم الاثنين الموافق 9 أبريل الجاري. يقول البيان الذي صدر عن هذا الاجتماع الأخير: "توصل الاجتماع الثلاثي بين حكومة السودان والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى اتفاق لتنفيذ بنود حزمة الدعم الثقيلة لقوات بعثة الاتحاد الأفريقي بدارفور، ما عدا بند واحد سيجري الجانب السوداني مشاورات إضافية حوله توطئة للرد عليه". والبند المشار إليه هو السماح أو رفض لاستخدام القوات الأممية لسلاح الطيران "الهيلكوبتر" في عملياتها. ما أثار اللبس في الأسبوع الماضي، وأدى إلى استنتاج مفاده أن الخرطوم وافقت على المرحلة الثالثة والأخيرة من الدعم الأممي للقوات الأفريقية أمران أساسيان هما: - الإشارة رسمياً لأول مرة من الخرطوم وغيرها إلى أن اجتماعاً دعا إليه عاهل المملكة العربية السعودية على هامش اجتماع القمة العربية الأخير وشارك فيه الرئيس السوداني، والأمين العام للأمم المتحدة، والأمين العام للجامعة العربية، والمسؤول التنفيذي الأول للاتحاد الأفريقي. وأُعلن فيه أن الهدف من ذلك الاجتماع كان بحث الوضع في دارفور. كان الواضح أنه اجتماع وفاقي هدفه إقناع السودان بقبول المرحلة الباقية من الدعم الأممي وبذلك إنهاء للمشكلة، ويبدو أن ذلك ما حدث بالفعل، ولكن رؤي أن يتخذ الأمر شكله التنظيمي الأسلم، فكان الاتفاق على اجتماع أديس أبابا المشار إليه. - الأمر الثاني كان تصريحات لوزير دولة في وزارة الخارجية السودانية نقلتها إحدى صحف الخرطوم، وفيها إشارة غير مباشرة إلى قبول الخرطوم لما كانت ترفضه وبشدة من قبل وعلى مدى شهور. لقد كانت واشنطن أكثر حذراً منا، فلم تقبل أن تعلن أن الخرطوم تراجعت عن قرارها بالرفض، وقالت إنها تنتظر أن يأتي إعلان واضح ودقيق من الخرطوم. إن الوضع الحالي أكثر وضوحاً، ولاشك أن اجتماع الرياض الذي دعا إليه جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كان له أثره في أن تتراجع عن رفضها الأول، ذلك لأن الصين أعلنت أنها طلبت من حكومة السودان أن تخفف من موقفها، وتكون أكثر مرونة في التعامل مع مجلس الأمن. إن ما حدث في أديس أبابا يوم الاثنين الماضي يمكن أن يكون فاتحة لوضع جديد في دارفور. ذلك أن كل التقارير الواردة من هناك تتفق في أن الوضع الأمني بلغ مدى في تدهوره لم يعرفه من قبل، وأن معاناة النازحين والمشردين من ديارهم تزداد يوماً بعد يوم، بعد أن اضطر كثير من منظمات العون الإنساني إلى عدم مواصلة تقديم العون لسوء الأحوال الأمنية وتعرض حتى رجال قوات الاتحاد الأفريقي للعدوان والقتل. هذا هو الموقف، فلنأمل خيراً.