تُذكر الأجواء التي سادت بعد الخطاب الأخير للرئيس بوش حول "حالة الاتحاد" هذا الأسبوع بعام 1995، حين صرح الرئيس بيل كلينتون أمام مؤتمر صحافي، بعد انتكاسة "الديمقراطيين" في انتخابات الكونجرس النصفية، أنه ما زال بمقتضى الدستور "مناسباً". كما تُذكر بعام 2004، عندما صرح الرئيس جورج بوش عقب إعادة انتخابه لولاية ثانية أنه كسب "رأسمال سياسي" في الحملة الانتخابية –رأسمال كان ينوي استثماره في مواضيع عزيزة على قلبه من قبيل الأمن الاجتماعي، والإصلاح الضريبي، والحرب على الإرهاب. والحال أن ذاك الرأسمال سرعان ما نفد؛ وقد عكس خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه الرئيس الأميركي مساء الثلاثاء الماضي، الرفض الكبير للرئيس في معظم استطلاعات الرأي، وفي انتخابات نوفمبر الماضي بوجه خاص، وذلك في ضوء المطالب الملحة والمتزايدة بتخليص الجيش الأميركي من نزاع بدأ يتخذ يوماً بعد يوم شكل حرب أهلية بين السُنة والشيعة في العراق. جرت العادة أن يقوم رئيس يعاني الكثير من المشاكل على الجبهة الداخلية بتحويل تركيزه إلى الساحة الدولية. غير أن خطاب بوش، على الرغم من مهنية صياغته، كان مقسماً بشكل متساو تقريباً بين المبادرات الداخلية مثل الخدمات الصحية والأمن الاجتماعي والطاقة والهجرة؛ والساحة الدولية، أي العراق، الموضوع الذي لا مفر منه. والحال أنه لم يكن ثمة ما يشير إلى أن بوش قد أفلح في تغيير آراء الكثيرين؛ فقد تحدث عن سعيه إلى تلافي "سيناريو أشبه بالكابوس" يتمثل في الهزيمة التي من شأنها أن تكون "كارثية وذات عواقب وخيمة". وناشد الكونجرس والجمهور معاً منحه فرصة أخيرة من أجل تحقيق النصر مستعينا باستراتيجيته الجديدة التي تقوم على تعزيز مؤقت للقوات الأميركية في العراق. غير أن مناشدات بوش يبدو أنها لقيت آذاناً صماء؛ حيث وافقت "لجنة العلاقات الخارجية" التابعة لمجلس "الشيوخ"، يوم الأربعاء الماضي، بأغلبية 12 صوتاً مقابل 9 أصوات على قرار اعتبر أن رفعا لعدد القوات الأميركية في العراق أمر ضد "المصلحة الوطنية". إلا أنه وجبت الإشارة هنا إلى أن القرار يُصنف ضمن دائرة ما يُعرف بـ"القرارات غير الملزِمة"، أي أنه لا يرغم الإدارة الأميركية على القيام بأي شيء. ومع ذلك، فإنه يجعل الرئيس بوش يبدو كـ"بطة عرجاء" بالفعل. دانيال شور ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محلل سياسي أميركي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"