من أسوأ ما تمخضت عنه قضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لأعظم خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الصحف الدانمركية، هو أننا كمسلمين، فشلنا، في الدفاع عن حقنا وتوصيل آرائنا إلى الغير·· وبدلا من أن نحسن الدفاع عن ديننا بالحوار والتخاطب مع الطرف الآخر والتواصل مع المسلمين الذين يعيشون في المجتمعات الغربية، وبخاصة في مجتمعات الدول الاسكندنافية، إذا بمجموعة غوغائية تضيف إلى قائمة الإساءة، إساءات أخرى، ظنا منها أنها بهذه الحركات والبهلوانيات، تدافع عن نبي الأمة وعن دين أقام حضارة في جميع أرجاء المعمورة··
الغوغائية في التصرف هي ألا نفهم الطرف الآخر، وأن نعجز عن إيصال أخلاقياتنا ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف إليه·· احتجاج عشوائي عندنا، يقابله جهل وتخلف وتعنت غبي لدى العنصريين في الطرف الغربي·· ثم احتجاج ينقصه الكثير من الذكاء والفطنة وحسن التصرف في العالمين العربي والإسلامي، فيتخلله حرق الأعلام والسفارات، يقابله لدى الطرف الآخر مزيد من الغباء والشذوذ الفكري، فيبادر إلى إعادة نشر نفس الرسوم القبيحة والمسيئة لأعظم خلق الله وسيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، في العشرات من الصحف الأوروبية!
ترى لو تجاهلنا هذا الرسام الشاذ، والذي يحمل في أعماقه فكرا عنصريا مقيتا، ونفسا بغيضة تدل على الانحطاط الخلقي، ولم نقم له وزنا، ولم نواجهه بكل هذه الضجة، هل كان أحد في العالم سيلتفت إليه وإلى رسوماته القبيحة؟!
لقد أدى سوء التصرف وقلة العقل في رد الفعل لدى الطرف الإسلامي إلى التسبب في إعادة نشر تلك الرسوم التي تعبر عن فكر شاذ ونفس قبيحة وعنصرية مقيتة، في العشرات من الصحف والمجلات في السويد والنرويج وفرنسا ونيوزيلندا·· لا بل نشرتها صحيفة أسبوعية أردنية، وقناة تلفزيونية جزائرية، وصحيفة يمنية، بأعذار هي أقبح من كل ذنوب الدنيا!·· فهل يكون رد فعل بعض الجهلاء المبادرة أيضا وبغوغائية، إلى مقاطعة الأردن والجزائر واليمن وحرق أعلامها؟!
كانت للمسلمين تجربة سابقة في هذا المجال وهي تجربة الكتاب القبيح الذي أصدره شخص تافه ومجهول يدعى سلمان رشدي، لم يسئ فيه للرسول عليه الصلاة والسلام، بل تجرأ حتى على الذات الإلهية بعد أن عرج بقبح وشذوذ على الملائكة فأساء إليهم·· ولم يكن أحد من البشر سيلتفت إلى هذا التافه لو لم تصدر الفتوى الشهيرة بالدعوة لقتله!!·· عندها ثارت ثائرة العالم الغربي أجمع، فكسب رشدي المعركة، وربح الشهرة وخسرنا نحن المسلمين القضية وتسببنا في أن يصل الكتاب إلى أيدي الملايين ممن لم يكونوا يعرفون من هو هذا الشخص التافه الذي يسمى سلمان رشدي·
حرق السفارات والأعلام والتهديد بقتل الأوروبيين، هو قمة الغباء·· فمن أحرق مبنى أية سفارة، تناسى أن الدانمرك والنرويج سترفعان شكوى فورية إلى الأمم المتحدة، وستطالبان بتعويض فوري عن جميع الخسائر التي لحقت بمباني السفارات، وستدفع الحكومات العربية التي سمحت للغوغائيين بالمساس بحرمة السفارات، عشرات الملايين من الدولارات كتعويض للدانمرك والنرويج·· وبالطبع فإن هذه الأموال ستكون من أموال ومن قوت أولئك المغرر بهم الذين أشعلوا النيران في السفارات·· ومن غير المستبعد أ ن يذهب جزء من أموال التعويض التي سندفعها نحن العرب بسبب حرق السفارات، إلى الصحيفة التي نشرت الصور المسيئة أو إلى رسام الكاريكاتير العنصري الأخرق!!