في أكتوبر الماضي عقد حاكم باكستان العسكري انتخابات مثيرة للجدل، وعد بأنها ستكون بمثابة خريطة طريق لاستعادة الحكم الدستوري والمدني· وأعلن الجنرال الذي يعد حليفا رئيسيا للغرب، منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أن الانتخابات تعني أنه كان جادا في نقل السلطة إلى ممثلين منتخبين· بيد أن هذا الزعم كان بعيدا عن المصداقية، لأن تلك الانتخابات تعرضت للتزوير، ولأن الاتحاد الأوروبي أعلن أنها كانت مشوبة بالخطأ، ولأن لجنة أميركية عاملة في مجال الحقوق الإنسانية قد أعلنت أن الأحزاب السياسية في باكستان قد تعرضت خلالها لمعاملة غير عادلة· ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث قامت السلطات بتكليف أجهزة الاستخبارات بمهمة تشكيل حزب جديد لمواجهة حزب الشعب الباكستاني الذي أقوده· و حزب الملك هذا كما يطلق عليه ، يضم العديد من الأشخاص الذين وجهت إليهم في السابق تهم بالفساد، من قبل مكتب المساءلة الوطني المعروف محليا على سبيل التهكم باسم مكتب ليِّ الأذرع الوطني ·
وبسبب حرمان حزب الشعب من التمثيل البرلماني نشأت أزمة دستورية· فالبرلمان الجديد لا يزال دون زعيم للمعارضة لسببين· الأول هو أن أنصاري سوف يحصلون على هذا المنصب· والثاني: هو أن البديل المعتدل لا يخيف الغرب· إن الجنرال مشرف يريد من الغرب أن يصدق أن الخيار في باكستان هو بين الديكتاتورية العسكرية والديكتاتورية الدينية، ولهذا السبب سعى إلي إحداث المزيد من الانشقاقات في المجموعة البرلمانية لحزب الشعب الباكستاني بحيث يذهب المنصب للأحزاب الدينية (التي هي أيضا مستاءة منه لأسباب عديدة)·
هناك طرح يقول إنه عندما يتعلق الأمر بالخيار بين العسكريين وبين الأحزاب الدينية التي تتحكم في الموجودات الذرية الباكستانية، فإن الغرب سوف يختار صف العسكريين دون شك· هذا الطرح يعتبر خادعا تماما، لأن الحقيقة هي أن الخيار في باكستان اليوم هو بين الديكتاتورية العسكرية وبين الديمقراطية· ويمكن لهذا الوضع أن يتغير إذا ما أخفقت المؤسسات في باكستان في منع تمزيق القوى الديمقراطية في البلاد· في الوقت نفسه يواجه الحزب الحاكم المدعوم من قبل العسكريين، والمعروف باسم حزب الملوك مصاعب جمة · فأعضاؤه ممتعضون، ويرفضون حضور الجلسات البرلمانية التي عادة ما يتم تأجيلها نظرا لعدم اكتمال النصاب القانوني· ووصل الحال إلى درجة ميؤوس منها، إلى درجة أنه قد طلب من رجال الشرطة في إحدى المرات الذهاب إلى منازل الأعضاء لإحضارهم إلى البرلمان·
في العادة يتم انتخاب البرلمان لتشريع القوانين، ولكن الجنرال على ما يبدو يريد برلمانا يقبل بأي قانون جديد، يقوم رجاله بإعداده دون الاطلاع بالشكل الكافي على تفصيلاته وعلى أحكامه· والنتيجة في معظم الأحوال هي المزيد من المقاطعة من قبل الأعضاء احتجاجا على ذلك· ويذكر أن أحد أعضاء المعارضة قد تعرض لإلقاء القبض عليه هذا الشهر، لقيامه بتوزيع رسالة تشير إلى السخط السائد في القوات المسلحة· وهذا العضو يتعرض حاليا للتهديد بالمحاكمة بتهمة نشر الفتنة، لمجرد قيامه بالتعبير عن حقه في حرية التعبير، وحقه كعضو منتخب في إطلاع البرلمان على الأمور الوطنية التي تتصف بالأهمية·
والجدير بالذكر أن إسلام أباد قد اعترفت مؤخرا بأنها قد ألقت القبض على بعض رجال الجيش الباكستاني- الذين يطلق عليهم العناصر المارقة وهم يقاتلون جنبا إلى جنب مع مقاتلي طالبان في أفغانستان المجاورة· كما يذكر أن السفير الأميركي في إسلام أباد زعم في أكتوبر الماضي أن أوامر الجنرال مشرف لا يتم تنفيذها من قبل الضباط والجنود في الجيش، وذلك قبل أن يرد متحدث باسم الجيش الباكستاني على تلك المزاعم مؤكدا أن مشرف يسيطر على الأوضاع سيطرة كاملة·
على رغم كل ذلك، فإن كل تلك الأحداث والتطورات تؤكد أن الأمور لا تمضى على ما يرام بالنسبة للجنرال، سواء كان ذلك على الصعيد السياسي أو الصعيد العسكري·
وباعتباري الزعيمة الشعبية لباكستان، فإنني لازلت مستهدفة من قبل النظام· ومثلي مثل الشبح في رائعة شكسبير هاملت ، فإنني مازلت في قلب القصة السياسية على رغم أنني أقيم خارج البلاد·
لقد حرمني النظام من دخول الانتخابات كمرشحة لرئاسة وزراء باكستان بموجب قانون·· وبموجب قانون آخر حرمني من الترشيح للبرلمان، حتى ولو كمجرد عضو دون حقيبة وزارية· وعلاوة على ذلك فإنني لا أستطيع أن أعود إلى وطني، أو أن أدخل منزلي بأمان· أما زوجي فلم أره منذ أعوام بعد أن تم سجنه في اليوم نفسه الذي قتلت فيه الديمقراطية في باكستان عام ،1996 وفي كل مرة يتم الإفراج عنه تتم إعادة القبض عليه مجددا بتهمة أخرى، لقد سجن عشرين مرة، وأطلق سراحه 21 مرة ·
ونظرا لعدم رضا الجنرال على البروز والمكانة التي أحظى بها في الخارج، والتي تتمثل في دعوتي إلى مؤتمرات، وقيامي بإلقاء الأحاديث في الجامعات، فإن النظام يحاول أن يقيد حركتي في المنفى· فقد أدعوا زورا أمام السلطات السويسرية أنني قد تلاعبت في عملية ترسية أحد العقود كي يستفيد زوجي ماديا· أنا لم أفعل مثل ه