يعتبر أمن وتأمين الغذاء والدواء خطاً أحمر بالنسبة لسياسة دولة الإمارات. وهناك آلية مدروسة لإدارة المخزون الاستراتيجي للدولة وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية سواءً من حيث وفرة السلع الغذائية المستهدفة، وتعيين أصنافها وطرق حفظها وضمان سلامتها وتوزيعها لتغطي كافة مناطق الدولة، وبنسب تلبي احتياجات مختلف التجمعات السكانية في الإمارات السبع، وذلك بالتنسيق بين المزودين والتجار المسجلين بما يشمل مجموعة محددة من المنتجين المحليين والمستوردين، ومنافذ البيع الرئيسية والجمعيات التعاونية وغيرها، وتكامل في الأدوار بين القطاعين الحكومي والخاص بما يصب في خدمة الأهداف الاستراتيجية للدولة ويحقق المنفعة المتبادلة للطرفين، وهناك مجموعة من الالتزامات المفروضة على المزودين والتجار المسجلين مثل الحفاظ على مخزون الأمان، وتوفير وتوريد السلع المطلوبة وفق خطط التوزيع التي يحددها القانون في الأحوال العادية وفي الظروف الطارئة، وكذلك الربط الإلكتروني مع الجهات المختصة لمتابعة المخزون الاستراتيجي بصورة دائمة.
كما ويعتبر تنسيق وتنفيذ سياسات تأمين وإدارة المخزون الاستراتيجي، والرقابة على التزام المزودين والتجار المسجلين والتخزين الاستراتيجي للسلع الرئيسية، والتنسيق مع الدول الشريكة المزودة للسلع لضمان تدفقها إلى أسواق ومخازن الدولة في مختلف الأوقات صمام أمان، نتج عنه وجود فائض كاف بشكل كبير من الخضراوات والفواكه والسلع الغذائية لتلبية احتياجات سكان الدولة، إضافة لاحتياجات الدول المجاورة من خلال وجود معروض كبير من الخضراوات والفواكه سواءً سريعة أو متوسطة التلف، واستقرار كبير في عمليات التوريد خاصة مع تنوع الأسواق الدولية التي يستورد منها التجار، مع العلم بأن المخزون الاستراتيجي من السلع الاستراتيجية في دولة الإمارات يكفي في الوقت الحالي لمدة تزيد على ستة أشهر.
وكانت الدولة قد أصدرت قانون المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في دولة الإمارات العربية المتحدة كخطوة ذات بعد استراتيجي، وذلك لتعزيز منظومة الأمن الغذائي من الناحية التشريعية، ووضع الإجراءات القانونية لرفع اكتفاء الدولة من احتياطي السلع الغذائية الرئيسية في مختلف الظروف، بما فيها حالات الأزمات والطوارئ والكوارث، وهو مكمّل لجهود الدولة في مواجهة الظروف غير الاعتيادية التي يمر بها العالم اليوم.
ونلاحظ في الوقت الراهن تضافر الجهود بين مختلف الجهات المعنية بالأمن الغذائي بالدولة، خاصة في ظل الحالة الاستثنائية والطارئة التي نمر بها، وتضمن المضي بمسار أكثر وضوحاً لاستدامة توافر السلع والمخزون من المواد الغذائية، ونجاح نموذج الشراكة وتكامل الأدوار بين القطاعين الحكومي والخاص، حيث تقوم الجهات الحكومية بتوفير حزمة من الحوافز والتسهيلات لهؤلاء التجار والمزودين تعود عليهم بالفائدة مقابل التزامهم بالمعايير المنصوص عليها في اللوائح والقوانين، مع وجود مرونة كبيرة في عمليات تخليص السلع والبضائع، ولعب قطاع النقل والتخزين في دولة الإمارات دوراً مهماً في سرعة تلبية احتياجات سوق الإمارات من المواد الغذائية، وخاصة أن الدولة تعتبر مركزاً دولياً لإعادة تصدير السلع والمواد الغذائية لدول المنطقة، ولا يوجد أي مبرر للهلع وتكديس المواد الغذائية في المنازل لكون الدولة لديها برامج مستدامة للأمن الغذائي، ولا مجال للصدفة والمفاجآت، فالتخطيط لمثل هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها العالم، أمر استعدت له الدولة منذ سنوات طويلة حتى وصلت لهذه المرحلة من النضج في العمل بروح الفريق الواحد.
*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات