من الواضح أن العالم يواجه، بقدر استطاعته، ظرفاً صحياً لم يسبق له مثيل، لكن مواجهته ممكنة في حال التقيد بالحذر والالتزام بالتعليمات. ومع تواصل تداعيات تفشي وباء كورونا المستجد، تزايدت أهمية فرض إجراءات وقائية وحمائية صارمة، تم اتخاذها بالفعل على نطاق دولي واسع، بحيث لم يعد الالتزام بالإجراءات الوقائية سلوكاً اختيارياً، بل واجباً على كل فرد في المجتمع. وخاصة بعد ثبوت أثر الوقاية الشخصية ودورها الذي يمتد لحماية المحيطين بنا.
وعلى المستوى العالمي، برز صوت الإمارات لينشر المزيد من الطمأنينة والثقة بأن العالم سوف يتجاوز هذا الظرف، من خلال مشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في قمة قادة مجموعة العشرين «G 20» الاستثنائية الافتراضية، والتي أكد خلالها سموه أن هذه الأزمة ستمر كما مرت مخاطر وأزمات كثيرة قبلها في تاريخ العالم، لكن مسؤوليتنا جميعاً خلال المرحلة الحالية أن نجعل مرورها في أقصر وقت ممكن، وبأقل الخسائر الممكنة، وهذا لا يتحقق إلا من خلال الإرادة القوية والعمل الجماعي المخلص والوعي بمتطلبات المرحلة.
ومن هنا، أصبح الحذر والالتزام بالتعليمات التي تصدرها الجهات الصحية الرسمية واجباً على كل فرد. وضماناً لجعل الإجراءات الوقائية ذات طبيعة إلزامية قانونية، عززت الإمارات إجراءاتها الصحية وإرشاداتها بإصدار «لائحة بمخالفات التدابير والإجراءات والتعليمات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا»، توضح المخالفات المحتملة والجزاءات المترتبة عليها، بهدف حماية المجتمع.
وإزاء الإجراءات التي تم اتخاذها في الإمارات، أظهر المجتمع التزاماً جيداً وتطبيقاً إيجابياً لحملة «#خلك_في_البيت» ذات الأثر الممتاز، الذي يسهل حركة العاملين في قطاع الطوارئ والأزمات. كما لمس الجميع التجاوب الذي أدى إلى نجاح وتميز مبادرة التعقيم الشاملة، في إطار البرنامج الوطني لمحاصرة أي انتشار محتمل لفيروس كورونا في الإمارات.
كما لم تغب الحلول والإجراءات الذكية التي تزامنت مع الحملة، حتى لا يتضرر أصحاب الظروف العاجلة والأعمال الطارئة. وكالعادة، سادت الطمأنينة والثقة ولمس الجميع استمرار عمل منافذ بيع الغذاء والدواء. وعلى العكس من انتشار الطوابير أمام محال السوبرماركت في الكثير من مدن العالم، سعياً من الجمهور لتكديس المواد الغذائية، يغمر الشعور بالأمان والاكتفاء الذاتي وتوفر السلع كافةَ أفراد المجتمع في الإمارات، وتم تخصيص موقع إلكتروني للترخيص لمن اضطر للحركة أثناء تنفيذ برنامج التعقيم، الذي استكمل مراحله بنجاح صباح اليوم الأحد. وبث تنفيذ برنامج التعقيم المزيد من الطمأنينة والثقة بجهود الوقاية المتخذة من الجهات الرسمية في الدولة.
لقد اختبرت الإمارات في هذا الظرف العالمي الحساس، أثَر جهودها وسياساتها التي ركزت على التفكير برؤية مستقبلية. وعند الحاجة إلى العمل عن بعد، ظهرت الجاهزية العالية لدى كافة القطاعات، بما فيها قطاع التعليم. وأصبحنا نقطف ثمار العمل الجاد والمبكر الذي قاد بالتدريج نحو الوصول إلى مرتبة الحكومة الذكية والآليات المساعدة على تحقيق سعادة المتعاملين وسهولة الحصول على الخدمات، عبر تطبيقات الإنترنت.
وجاءت الظروف الحالية لتزيد من فاعلية استخدام الوسائط الحديثة للتسوق والحصول على الخدمات الحكومية المتعددة في الإمارات بجودة عالية وتنافسية عالمية لا تضاهى. وفي هذا الإطار، تم الكشف عن بلوغ قائمة المتاجر الإلكترونية في دولة الإمارات 44 متجراً إلكترونياً تقدم للجمهور خدمات التسوق الإلكتروني للحصول على كافة السلع الضرورية. وهذه الطفرة في مجال التجارة الإلكترونية التي فرضت نفسها، تثبت أن اقتصاد الإمارات قادر على التكيف مع كل الظروف، وتحويل الأزمات العابرة إلى فرص للتحديث والتطوير، ونشر المزيد من الثقة.

*كاتب إماراتي