أزمة فيروس كورونا المسمى علمياً «كوفيد 19» ليست الأزمة الأولى في علم الأوبئة، ولن تكون الأخيرة، لذلك لا بد من الجميع، خاصة أماكن العمل، أن يشاركوا في الحد من الإشاعات، التي تثير الهلع، من خلال توفير الأخبار الموثقة والقواعد الإرشادية الصحيحة، وأهم ما يجب أن تقوم به أماكن العمل في هذه الظروف، هي: الاستعدادية والاستباقية لهذا الفيروس وللأزمات المستقبلية باتباع خطوات مدروسة.
من أهم الخطوات التي يجب أن تقوم بها أماكن العمل، توفير الأخبار الصحيحة من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بالموظفين Intranet، وهنا تكمن الأهمية ليس فقط بتحديث الأخبار المتعلقة بالفيروس والتأكد من مصادرها، بل أيضاً صياغتها من منظور موثق، وبشكل يومي للموظفين.
على أماكن العمل ألا تفترض أن كثرة المعلومات تخلق المعرفة، فكثير من المديرين وأصحاب العمل يعتقدون أنه طالما هناك الكثير من المعلومات متاحة للجميع، فلا داعٍ إلى القيام بأي شيء إضافي، لكن ثبت من خلال تجارب شركات عالمية أن إنشاء ملخص محدث بانتظام للوقائع والآثار للأحداث، خاصة في أوقات الأزمات، أمر لا يقدر بثمن وليس مضيعة للوقت، فهذا أفضل من مناقشة حقائق كثيرة، أو وضع افتراضات مختلفة حول الحقائق.
كذلك على جهات العمل أن تأخذ بآراء الخبراء والتنبؤات بعناية، فالخبراء في علم الأوبئة، علم الفيروسات، الصحة العامة، الخدمات اللوجستية، وغيرها من التخصصات لا غنى عنهم في تفسير المعلومات المعقدة والمتغيرة، ومن ثم يحتاج مكان العمل إلى تحويل جميع معلومات هؤلاء الخبراء إلى نهج عملي، لفهم ما يجري وما يمكن عمله.
هناك أيضاً إرشادات مهمة، يجب إيصالها للموظفين تشمل تبيان سياسات العمل الجديدة الناتجة عن أزمة فيروس كورونا، مثل التأكد أن سياسات السفر واضحة، فيما يتعلق بالأماكن التي يمكن السفر إليها وعن الإجراءات الاحترازية التي يجب اتباعها، بالنسبة للعمل عن بُعد، يجب إيضاح السياسات المتبعة ومتى تتم المراجعة، كما أن إدارة سلسلة التوريد يجب أن تكون بشكل ثابت، باستخدام مخزونات الأمان ومصادر بديلة، والتنسيق مع الموردين في حال وقوع الأزمات، ومن المحتمل أن تخلق الأزمة تقلبات لا يمكن التنبؤ بها، لذلك لا بد من وضع تقارير بشكل مستمر لمراقبة تأثير الأزمة على سير العمل، وكيفية التخفيف من الإرباك، وقياس مدى سرعة إصلاحه.
إضافة إلى ذلك، من أهم ما يمكن اتباعه في إدارة الأزمات غير المتوقعة هي المرونة في القرارات الإدارية، وهذه تتضمن عدة خصائص قد لا تستخدم في الأحوال الاعتيادية المستقرة مثل: وفرة المصادر التي بإمكانها أن تزود سلسلة التوريد في حالة التقلبات، تكوين فريق إدارة أزمات متنوع يضيف المزيد من الأفكار حول الحلول المحتملة، والتطور المستمر في بناء الأنظمة وتحسين الكفاءة لمواجهة الأزمات، ودراسة أسوأ السيناريوهات، ومن ثم تطوير استراتيجيات الطوارئ.
القلق والاضطراب اللتان أثارتهما أزمة فيروس كورونا، تجعل العودة إلى روتين العمل الاعتيادي، حتى بعد انحسار الأزمة واكتشاف اللقاح غير ممكن، من المؤكد أن هذه الأزمة ستترك بصماتها على أماكن العمل، مثل النظر جدياً بأهمية العمل عن بُعد، الاهتمام بالموقع الإلكتروني الخاص بالموظفين، وإنشاء مصدر أخبار موثق للموظفين، خاصة في أوقات الأزمات.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي