اختفى «ماتيو سالفيني»، زعيم حزب «الرابطة» اليميني الإيطالي عن أضواء السياسة بعد أن فشل في محاولته الدفع بإجراء انتخابات جديدة في أغسطس الماضي وخرج من الحكومة. ولكن انتصاراً في الانتخابات حققه يوم الأحد الماضي يشير إلى أنه مستعد للعودة. فقد حقق ائتلاف من «يمين الوسط» يضم حزب «الرابطة» و«إخوان إيطاليا» و«إلى الأمام إيطاليا» انتصاراً في منطقة أومبريا الصغيرة وسط البلاد وهي عادة معقل لليسار. وساعد عدد من الفضائح المحلية هذه الأحزاب في انتزاع فوزهم غير المسبوق. لكن النتيجة تمثل طلقة تحذير للحزب «الديمقراطي» و«حركة خمس نجوم» الحاكمين وتنبه إلى أن «سالفيني» مازال يتمتع بشعبية كبيرة وسط الناخبين.
وفي الشهرين الماضيين، طمأن الحزب «الديمقراطي» من «يسار الوسط» وشريكه الشعبوي في التحالف «حركة خمس نجوم» المستثمرين الدوليين بأن إيطاليا لا تعتزم الدخول في صدام مع الاتحاد الأوروبي- كما فعلت في ظل حكم سالفيني- وبالتأكيد لا تريد الخروج من منطقة اليورو. لكن الحزبين فشلا في جذب الناخبين لأن الميزانية تضمنت أيضا زيادة في الضرائب وأعباء إدارية جديدة تعين التراجع عن بعضها.
وأنفق الحزب «الديمقراطي» و«حركة خمس نجوم» جانباً كبيراً من الوقت في الحكومة في الجدل الداخلي، مما جعل الناخبين يتساءلون عما يمكنهم إنجازه. وهذا الشقاق أكسب «سالفيني» شجاعة بعد صيف صعب. فقد قضى زعيم «الرابطة» على الائتلاف الحكومي السابق الذي كان يضم حزبه وحزب «خمس نجوم» لأنه كان يأمل أن يؤدي هذا إلى إجراء انتخابات. لكن خصومه تفوقوا عليه ليشهد انخفاضاً في معدلات التأييد له. ومنذئذ أعاد تنظيم صفوف وبناء ائتلاف مع شركاء سابقين من حزب «إلى الأمام إيطاليا»، حزب سيلفيو برلسكوني، و«إخوان إيطاليا»، من أقصى اليمين، وهاجم الحكومة لزيادتها نسبة الضرائب.
والائتلاف بين «خمس نجوم» و«الحزب الديمقراطي» كان يبدو دوماً فكرة سيئة. فقد أنفق الحزبان سنوات يتبادلان الإهانات، وخاصة بعد تحالف «خمس نجوم» مع «حزب الرابطة». وكان من الأفضل أن يحظى سالفيني بفرصة انتخابات هذا العام. فكان من شبه المؤكد أن يفوز فيها سالفيني، لكن الانتخابات كانت ستمثل اختباراً حقيقياً له في الحكم منفرداً. و«الرابطة» كان سيتعين عليها أن تحسم موقفها المبهم تجاه عضوية إيطاليا في منطقة اليورو. وهو غموض كان سيظل قائماً طالما أن «الرابطة»- من حيث الاسم على الأقل- هي المشارك الأصغر لـ«خمس نجوم» في الحكومة. ولو أجريت الانتخابات، لتوافر للحزب «الديمقراطي» والأحزاب الأخرى ما يكفي من الوقت لبناء بديل معقول كمعارضة.
وأمام «خمس نجوم» و«الحزب الديمقراطي» طريق وعر. والخوف من سالفيني يُبقي هذا التحالف متماسكاً، لكنه لا يكفي لوضع قائمة أولويات واضحة ومتماسكة للحكم. صحيح أن إيطاليا توصلت إلى إصلاح قصير الأمد لخطر عدم استقرار السوق عبر هذا الائتلاف الحكومي لكنه ليس حلاً طويل الأمد. وبطء النمو وتصاعد الديون وعدم اليقين الشديد في مجريات الحياة السياسية سيظل يرهق روما.
*عضو هيئة تحرير فاينانشيال تايمز.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»