في حي مالاسانا العصري في مدريد، زاد الإيجار الذي يدفعه «رومان ديل بومار» ثلاثة أضعاف ليبلغ 3.500 يورو (3.900 دولار) شهرياً، عندما حان موعد تجديد العقد. كان هذا نوعاً من الزيادة المفرطة التي أصبحت سبباً للمعاناة في المناطق الآخذة في التقدم في جميع أنحاء إسبانيا خلال السنوات الأخيرة، بينما يبلغ المعدل الرسمي للتضخم 1%.
يقول بومار: «عندما أسمع نسبة 1%، أضحك. لا بد أن يكون هذا الرقم كاذباً، لأن الكثير من الناس يدفعون الآن أكثر من نصف دخلهم لإيجار الشقة فقط».
ويشير الانفصال الواضح بين الإحصاءات الرسمية والتكاليف في العالم الواقعي إلى مشكلة في لب السياسة النقدية الأوروبية: فرغم الجهود التي يبذلها البنك المركزي والتيسير الكمي البالغ 2.6 تريليون دولار، لا يزال التضخم منخفضاً بشكل عنيد. وإذا كانت تجارب أشخاص مثل ديل بومار لا يُعتد بها، فإن مقاييس نمو أسعار المستهلك يمكن أن تخطئ الهدف لأنها تفتقر لمدخلات مهمة، ما يعني أن سياسة البنك المركزي الأوروبي تتم معايرتها بشكل غير صحيح.
ومع بداية حقبة جديدة من التحفيز وانتقاد النقاد للبنوك المركزية بسبب ضعفها، فإن مسألة كيفية حساب التضخم تعد جزءاً أساسياً من النقاش. ودقة إحصاءات الإسكان في منطقة اليورو كانت منذ فترة طويلة نقطة خلاف.
وفي هذا الأسبوع، ذكرت وكالة «ستاندارد آند بورز» العالمية للتصنيفات أنه يتعين على البنك المركزي الأوروبي تضمين تكاليف ملاك المنازل في حسابات الإسكان. ومن المرجح أن يأخذ هذا مساراً آخر للسياسة، نحو الاستقرار المالي والابتعاد عن التيسير، وفقاً لـ«سيلفان بروير»، الخبير الاقتصادي بوكالة التصنيفات. وقال بروير: «إذا كان البنك المركزي الأوروبي يستهدف مقياس التضخم الأعلى هذا، فربما يكونون قد امتنعوا عن استئناف التيسير الكمي في سبتمبر».
وفي أوروبا، لا توجد أرقام خاصة عن تكاليف الإسكان ليستخدمها خبراء الإحصاء في المقارنة، وبصورة أو بأخرى تم تقليصها في قراءات التضخم في إسبانيا والعديد من البلدان المتقدمة. وتشهد أسعار شراء المنازل، التي تميل إلى الإرشاد حول الإيجارات وتتبعها، ارتفاعاً بنحو 5% سنوياً في إسبانيا، و4% في منطقة اليورو بشكل عام.
وتعتقد وكالة «ستاندرد آند بورز» أنه إذا أخذ البنك المركزي الأوروبي في الحسبان أسعار المساكن التي يشغلها مالكوها، فإن مقياس مؤشر أسعار المستهلك الخاص بها سيرتفع بنسبة 0.3% ويؤدي إلى «ارتفاع مستدام» في توقعات التضخم للبنك المركزي.
وتحاول إسبانيا تحسين الطريقة التي تتتبع بها الأسعار في سوق الإسكان، وستكشف عن مؤشر جديد في الشهر القادم. ويتم استبعاد معظم عقود تأجير الشقق الجديدة التي تدخل السوق من التضخم، وفقاً لتقرير «بنك أوف إسبانيا». وأظهر البحث أن سعر الطلب على الإيجار قد قفز بنسبة 50% في جميع أنحاء البلاد، خلال فترة السنوات الخمس ونصف السنة الماضية. ويرى خبراء الإحصاء أن تكاليف الإسكان قد ارتفعت بالكاد بنسبة 3% خلال هذه الفترة.
ومن غير المرجح أن تهتز قراءة أسعار المستهلك وسوق السندات في البلاد حتى الآن. ولن يتكهن مسؤولو الحكومة والبنك المركزي بما إذا كان المؤشر الجديد قد يعكس نمواً أقوى في الأسعار، أو ما إذا كان سيتم استخدامه في مؤشر أسعار المستهلك، الذي يحدد حالياً التضخم السنوي للمستهلك عند 0.2%.
وتفترض حسابات مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» أن المستهلكين ينفقون على المياه والكهرباء والغاز أكثر مما ينفقونه على الإيجارات. وفي حالة إسبانيا، فإن هذا يعني أن الأسرة التي يبلغ دخلها 2000 يورو شهرياً، لا تدفع سوى 60 يورو شهرياً مقابل الإيجار.
ويتساءل «بوريس كورنيدي»، وهو خبير اقتصادي مخضرم في منظمة التنمية الاقتصادية: «كيف يمكن أن يغطي مبلغ 60 يورو شهرياً تكاليف الإسكان؟». ويضيف الخبير الذي أعد عام 2005 دراسة عن تأثير استبعاد تكاليف الإسكان من حسابات مؤشر أسعار المستهلك «عن تكاليف الإقامة في مخيم ستكون أكثر من هذا».
وعلى النقيض من ذلك، يتم حساب تكاليف الإسكان باعتبارها تمثل 33% من سلة الإنفاق الأميركية.
ولم يكن المقصود من المؤشر الجديد في إسبانيا حساب التضخم. لقد طالب به قانون صدر في 2019 كأداة لكبح جماح أسعار الإيجار التي أخرجت المستأجرين من الأحياء التي عاشوا فيها لعقود، وهو ما حدث بالفعل مع ديل بومار.
فمثل عشرات الملايين من الأوروبيين، يمثل الإسكان أكبر نفقاته الشهرية. بيد أنه يتم تقليله إلى الحد الأدنى في إحصائيات التضخم، مما له تأثير على كل شيء من تسعير السندات والزيادات في الأجور إلى مدفوعات المعاشات التقاعدية، عبر اقتصاد منطقة اليورو البالغة قيمته 14 تريليون دولار.
تود وايت: صحفي متخصص في شؤون الاقتصاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»