بعد خمس دقائق من مغادرة مطار عنتيبي، الذي يُعد بوابة العاصمة الأوغندية كمبالا، يسلك القادم إلى هذه المدينة الطريق السريع الجديد. وفجأة يجد نفسه في الصين. لقد سبق أن عشت في الصين لبضع سنوات في الماضي. ولم يتطلب مني الأمر وقتاً طويلاً لأميّز التصميم الهندسي الصيني لمحطة دفع التعرفة المرورية. وإلى الأمام في اتجاه المدينة، كانت الهياكل الإسمنتية التي تدعم أعمال الحفر مألوفةً بالنسبة لي أيضاً. فشركة الإنشاءات الصينية التي بنت الطريق استخدمت التصميمات نفسها التي يجدها المرء عبر أنحاء جمهورية الصين الشعبية.
وعندما دخلت إلى الفندق الذي أنزل فيه، لاحظت مشهداً مألوفاً آخر من الفترة التي عشتها في بكين: فعلى كاونتر الاستقبال كانت هناك نسخ مجانية من صحيفة «تشاينا دايلي»، الصحيفة الناطقة بالإنجليزية التي يصدرها «الحزب الشيوعي الصيني».
بعدئذ قررت صعود التل، بغية الوصول إلى مكتب قريب لصرف العملات. وعلى الفور وجدت نفسي مرة أخرى أمام قطعة حضرية أخرى من الصين: بوابة أمنية منزلقة تفتح وتغلق مثل آلة الأكورديون. وقد سبق لي أن رأيت عدداً كبيراً من هذه البوابات في الطريق إلى عدد كبير من المكاتب الحكومية وأماكن أخرى في الصين.
كنت قد قرأت كثيراً عن الحضور والنفوذ المتزايدين للصين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وكنت في أوغندا لأكتب عن دور بكين المثير للانتباه في المنطقة. إلا أنني لم أتوقع أن أجد الصين وأعمالها والكثير من مظاهر حياتها في كل مكان تقريباً في أوغندا. فالصينيون موجودون بالفعل في كل مكان هناك، مثلما قال لي أوغنديون كثيرون بدرجات متفاوتة من الرضا: فهم يبنون الطرق، وينقّبون عن النفط، ويشيّدون السدود المائية، ويوسّعون المطارات، وينشئون شبكات الاتصالات، ويفتحون المزارع، ويصنعون بلاط الأرضيات، والمرتبات الإسفنجية، والصنادل البلاستيكية، وما إلى ذلك.
إنهم في كل مكان، لكنهم منعزلون إلى حد ما. فالجالية الصينية هناك تشتهر بأنها لا تختلط مع الآخرين، لكن ذلك ليس أسلوب «هان شيكين». إنها شابة مغامرة أتت إلى أفريقيا قبل عامين من أجل دراسة اللغة العربية في السودان، وبعد ذلك ذهبت لتعمل كمترجمة في نيجيريا، والآن تدير متجراً لبيع الأحذية بالجملة في وسط كمبالا، حيث تبيع أحذية رخيصة الثمن للتجار من كل أنحاء شرق أفريقيا.
وفي غضون ذلك اكتسبت لقباً عربياً (عافية)، وتزوجت برجل صيني، التقت به على تطبيق «وي-تشات» للرسائل الصيني، وتعارفت معه لمدة شهر تقريباً، وتزوجها خلال زيارة للصين دامت 10 أيام.
«لقد كان متوتراً جداً»، تقول «هان» عن زوجها، «لكنني شجّعته على القدوم إلى أفريقيا، ينبغي على كل شخص أن يسافر».
وعلى شارع ويلسون، حيث تعمل هان، تصطف متاجر الأحذية التي تبيع صنادل وأحذية مستوردة أو مصنوعة محلياً بالجملة. وعلى الطرف الآخر من الشارع، يبدو «وانغ يوكسن» منهمكاً في كتابة فواتير وإيصالات وطلبيات، بينما يحسب زميل له خلف الكاونتر حزماً غليظة من الأوراق النقدية بقيمة 50 ألف شيلنغ أوغندي.
«وانغ»، الذي يبلغ 26 عاماً، جاء إلى هنا قبل خمس سنوات. في تلك الأيام، كان معظم مواطنيه «يخافون من أفريقيا باعتبارها مكاناً يمكن أن يخيف الناس، وحيث توجد الأمراض والحرارة المرتفعة»، كما يقول. لكن بالنسبة له، كانت أفريقيا «مفراً». ويقول: «في الصين يتخرج 6 ملايين شخص من الجامعات كل سنة»، مضيفاً: «لم أستطع إيجاد وظيفة جيدة تلائم طموحاتي. فاخترتُ شيئاً مختلفاً».

وانغ يستطيع الحساب وقول «أهلاً وسهلاً» باللغة السواحلية، لكن هذا هو أقصى ما يذهب إليه في الاندماج مع المجتمع المحلي. إنه يعيش في منزل رفقة 11 رجل أعمال صينياً وامرأة أوغندية تستطيع تحضير الأكل الصيني، ولديه هدف واضح عندما يدّخر ما يكفي من المال «عندما أتزوج، سأعود إلى الصين».

*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»