لم يتضح بعد ما إذا كانت بريطانيا ستجري انتخابات مبكرة، لكن حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون أصبحت معرضة لها منذ يومها الأول في السلطة. ومهما يكن حال الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) حينذاك، فالانتخابات المقبلة قد تعيد تشكيل السياسة البريطانية. وأحد الاحتمالات يتمثل في التصويت بحجب الثقة عن حكومة جونسون خريف العام الجاري.
وربما تبدو التعهدات التي احتلت عناوين الأنباء كأمور معتادة في الحملات السياسية، لكن برنامج تقليص الضرائب على الأغنياء وزيادة الإنفاق على المستشفيات، وإقامة سكك حديد جديدة، وتجنيد 20 ألف فرد إضافي في الشرطة، والوعد الصارم بترك الاتحاد الأوروبي (بصفقة أو بدونها في 31 أكتوبر).. كلها وعود تمثل جزءاً من ثورة داخل معسكر جونسون لتعديل صورة الحزب أمام الناخبين.
والواقع أن المرء إذا جمع برنامج حزب نايجل فاراج، المؤيد لبريكسيت، وبرنامج «حزب العمال» التقليدي، فحاصل جمعهما هو السياسة التي تتبناها حكومة المحافظين الحالية.
وعلى ما يبدو فجونسون عازم على إعادة هيكلة حزبه. ولذا، يتعين عليه انتزاع ناخبين من حزب بريكسيت، أكبر فائز في انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو الماضي، وأن يجتذب الناخبين التقليديين لحزب العمال.
ودافع بعض المفكرين المحافظين عن التحول السياسي الرامي لجذب هذه الجماعات من الناخبين. وهم يعتبرون أن التأكيد التقليدي المحافظ على الحريات الفردية والحد الأدنى من تدخل الدولة، كان منطقياً حين كان اليمين يقاتل ضد الشيوعيين والاشتراكية إبان صعودها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. لكن مشكلات اليوم تتطلب نهجاً مختلفاً، وفهم تاتشر المحافظ لا يناسب عصر ما بعد العولمة.
ولاستكمال هذه الثورة الحزبية الداخلية واختبار قاعدة الناخبين الجدد، يتعين على جونسون الفوز بالانتخابات المقبلة. ومن الأفضل له إجراء هذه انتخابات مباشرة عقب «بريكسيت دون صفقة». وبوسعه حينها أن يزعم أنه نفذ نتيجة الاستفتاء وأن يقدم وعوداً بطائفة من مبادرات الإنفاق الجديدة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»