ستدخل الموجة الحارة غير العادية، التي تتخلى تدريجياً عن سيطرتها على أوروبا الغربية، كتب التاريخ باعتبارها واحدة من أشد الأحداث المناخية المتطرفة المسجلة. والمعايير التي وضعتها في بلدان مثل المملكة المتحدة وبلجيكا وألمانيا وهولندا غير عادية. وبالنسبة لعلماء المناخ، فإنها جزء من نمط مزعج من المرجح أن يتكرر كثيراً. يقول الباحثون، إن المهم في الأمر ليس عدد الأرقام القياسية التي أطاحت بها، بل الذي يهم بالأحرى هو إلى أي مدى أطاحت بها، أو دمرتها. وعادة عندما يتم تسجيل درجة حرارة جديدة تماماً، فإنها تتفوق على الدرجة القديمة المسجلة بنسبة ضئيلة. ولكن ليس في هذه المرة.
لقد تميزت موجة الحرارة هذه بسجلات متعددة تم كسرها بعدة درجات. وعلى سبيل المثال:
- في فرنسا، سجلت باريس درجة حرارة قياسية جديدة على الإطلاق بلغت 108.7 درجة فهرنهايت في 25 يوليو. وكان الرقم القياسي السابق المسجل هو 104.7 درجة في يونيو 1947. وهذا يعني أن درجة الحرارة المسجلة يوم الخميس فاقت الرقم القياسي المسجل في 72 عاماً بمقدار أربع درجات. وبالمثل، سجلت مدينة «ليل» بفرنسا درجة حرارة جديدة قياسية على الإطلاق بلغت 106.5 درجة في 25 يوليو، لتحطم بذلك الرقم القياسي السابق - المسجل العام الماضي - بنحو سبع درجات.
- سجلت ألمانيا رقماً قياسياً وطنياً جديداً في درجات الحرارة عندما سجل جهاز استشعار في «لنغن» 108.7 درجة يوم الخميس، متجاوزاً الرقم القياسي القديم المسجل في اليوم السابق فقط بواقع 3.8 درجة.
- وسجلت بلجيكا رقماً قياسياً وطنياً جديداً بلغ 107.2 درجة في 25 يوليو في مدينة «بيجي جنين ديك». ووفقاً لـ «إتين كابيكيان»، متنبئ بخدمة توقعات الأرصاد الجوية الفرنسية، فقد فاق هذا الرقم القياسي المسجل من قبل في بلجيكا بفارق مذهل بلغ 6.1 درجة.
- سجلت هولندا رقماً قياسياً جديداً في درجة الحرارة المرتفعة بلغ 107.1 درجة في 25 يوليو، بينما كان الرقم القياسي السابق المسجل في أغسطس 1944 هو 101,8 درجة، بفارق 5.3 درجة. وفقاً للمعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية، لم يسجل أي من أجهزة الاستشعار من قبل درجة أعلى من 40 درجة مئوية أي 104 درجات فهرنهايت.
إن درجة حرارة بهذه الضخامة تكون لافتة للنظر. لكن موجة حارة تدمر الأرقام القياسية المسجلة بهذا الهامش الفاحش على هذه المساحة الكبيرة، هذا أمر لم يسبق له مثيل تقريباً.
وقد أصدرت المبادرة العالمية لإسناد الطقس، وهي تعاون علمي دولي مكرس لاستكشاف الصلة بين الأحداث المناخية المتطرفة والتغير المناخي، تقريراً أوليا يتعلق بموجة حرارة أوروبية سابقة، وإن كانت أقل حدة، حدثت في أواخر يونيو وأوائل يوليو.
وخلصت الدراسة إلى أن «كل موجة حرارة تحدث في أوروبا اليوم أصبحت أكثر ترجيحاً وأكثر حدة بسبب التغير المناخي الذي يحدثه الإنسان. وتظهر الملاحظات زيادة كبيرة للغاية في درجات حرارة موجات الحر هذه».
حتى حدوث تحول بسيط في متوسط درجات الحرارة العالمية يمكن أن يحفز تغييرات كبيرة بشكل غير متناسب في احتمالات وشدة درجات الحرارة القصوى. وتحدث انبعاثات احتباس الحرارة لدينا بطريقتين: عن طريق تغيير متوسط درجات الحرارة والتباين فيها. ويزيد السلوك البشري من تباين مناخنا الحالي. يقول رادلي هورتون، باحث في المناخ بجامعة كولومبيا «إن زيادة تركيزات غازات الدفيئة نتيجة للنشاط البشري، رجحت التجاوز المتكرر لدرجات الحرارة القصوى المسجلة. لكن الحجم الذي يتم به تخطي الأرقام القياسية طوال الوقت (4 درجات) بالنسبة لباريس، يوحي بوجود شريك. وتحديداً الزيادات التي يحركها الإنسان في تقلبات الطقس اليومي لدينا».
ماثيو كابوتشي
عالِم متخصص في مجال الغلاف الجوي
وأندرو فريدمان
صحفي متخصص في المناخ
ينشر بترتيب خاص ع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»