حظي مؤتمر فكري أميركي، بأكبر قدر من الشهرة المرجوّة. فقبل عقد مؤسسة «إدموند بروك» مؤتمرها، حول «المذهب المحافظ القومي» في واشنطن، تعرضت لانتقادات شديدة باعتبارها واجهة للمتعصبين المحبين لترامب، وانتقدها القوميون البيض لأنها أقصتهم. وكل هذا من قبيل إثارة الجدل التي تساعد في جذب الحضور والصحفيين. وشكلت هذه الانتقادات خلفية للحدث مكّنت المنظمين من توضيح ما يقصدوه وما لا يقصدوه بـ«القومية المحافظة».
وبدأ المؤتمر وغرّد الرئيس، وأشار ترامب إلى أربع عضوات تقدميات في الكونجرس، جميعهن من غير البيض، قائلاً: «إن عليهن العودة إلى الدول المليئة بالجرائم التي جاؤوا منها»، رغم أن ثلاثة منهن ولدن في أميركا.
وطوال اليوم الأول في المؤتمر، شاهدت ملاحظات كثيرة منطقية وذكية من القوميين «المحافظين» الذين تحدثوا. لكن تغريدات ترامب شكّلت مشكلة لمشروعهم أخفقوا في مواجهتها.
فالمتحدثون مفكرون، يدركون تمام الإدراك أن القومية شابتها رائحة كريهة منذ الحرب العالمية الثانية. لذا انصبّ حديثهم على إصلاح هذا المفهوم. وقال منظم المؤتمر «ديفيد بروج»: «إن القومية هي حب مواطنينا، وتجعلنا نتجاوز القبلية والعصبية لنهتم برفاهية المجتمع السياسي بأسره». من جانبه، اعتبر «كريس ديموث» من معهد «هودسون»: أن معارضة القومية هي معارضة قوى الطبيعة.
وسياسة التضامن القومي المتنامي، التي وصفها المتحدثون جاذبة بلا شك، لكنها تثير سؤالاً طبيعياً: ما علاقة تلك القومية الحميدة بقومية الرئيس دونالد ترامب؟ فعلى أية حال، يعتبر ترامب هو سبب كثرة الحديث عن القومية، لا سيما أنه تبنى المصطلح.
وفي بعض الأحيان، تحدث ترامب عن توحيد الدولة لتحقيق المصالح المشتركة، لكنه في الوقت ذاته، شكك، من بين أشياء أخرى، فيما إذا كان قاضياً فيدرالياً من أصول مكسيكية، يمكن أن يؤدي وظيفته بصورة ملائمة في ضوء أصوله.
وربما أن «المحافظين القوميين» لا يتعين عليهم شجب كل تصريحات ترامب، لكن إذا كان من المطلوب التعبير بصورة بنّاءة عن النزعات القومية، فمن المنصف أن نتوقع منهم إعلان ما يعترضون عليه من الاستفزازات. وعلى رغم من كثرة حديثهم عن أشخاص يعتقدون أنهم يقوضون الأمة الأميركية، من بينهم أكاديميون وليبراليون، لكنهم لم يأتوا على ذكر شخص آخر يؤلب الأميركيين ضد بعضهم البعض.
*كاتب أميركي
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»