عندما كانت «باتريشيا ميركادو سانشيز» تترعرع في ولاية زاكاتيكاس وسط المكسيك، والتي ينحدر منها الكثير من المهاجرين إلى الولايات المتحدة، تعلمتْ ألا تفكر كثيراً في أولئك الذين يغادرون إلى الشمال. «كان يقال، إذا تركت المكسيك فقد تخليت عن مكانك»، بحسب ما قالت، موضحة أن هذا يُنظر إليه باعتباره رفضاً للوطن.
واليوم، فإن المهاجرين المكسيكيين هم من يبقي السيدة ميركادو سانشيز مستيقظة طوال الليل – ويملأون أيامها باعتبارها المؤسسة لشركة إعلامية لـ «أخبار الخدمات» تدعى «كونيكسيون ميجرانتي» (أي ربط المهاجرين).
كان منزلها الكائن في منطقة هادئة في حي «ميكسيكو سيتي» يعج بالنشاط بعد ظهر يوم الجمعة. ففي غرفة المعيشة، كان الزوار يناقشون تصميم واستراتيجية الويب. وفي غرفة الطعام، يكتب المتدربون على أجهزة اللاب توب الخاصة بهم. وفي مكان ما، نجد طفلاً يبلغ من العمر 7 سنوات يجول في المكان، حاملاً شاحنة بلاستيكية لإثارة إعجاب الجميع.
هذا هو الأساس بالنسبة لمشروع السيدة ميركادو سانشيز الذي بدأته قبل ثلاث سنوات وينشر قصصاً، استناداً إلى استفسارات محددة يرسلها المهاجرون في الولايات المتحدة أو أسرهم في المكسيك، عبر فيسبوك أو الخط الساخن للمنظمة. هذه الأسئلة -مثل كيف يمكن لأب مكسيكي مهاجر في الولايات المتحدة الحصول على الأوراق اللازمة لزيارة طفله، أو كيفية الحصول على الجنسية المكسيكية لطفل مولود في الولايات المتحدة – يتم الرد عليها على الموقع الإلكتروني لـ «كونيكسيون ميجرانتي»، والذي أصبح مورداً متكاملاً لملايين الأشخاص ممن لديهم علاقات في كل من المكسيك والولايات المتحدة. تقول ميركادو سانشيز: «لقد أدركنا أن المهاجرين المكسيكيين في الولايات المتحدة لا يحتاجون إلى معلومات عامة مثل أي موقع إخباري قديم، إنهم يحتاجون إلى معلومات محددة للغاية».
وتقوم هي وفريقها المكون من عشرة أفراد بتفحص الأسئلة وكتابة مقالات مباشرة وتشغيل خط ساخن للإجابة على الأسئلة. بالنسبة للكثيرين، يعد هذا العمل بالغ الأهمية: الإجابة على أسئلة عملية بالنسبة للمهاجرين الذين قد لا يعرفون القراءة والكتابة، والذين لا يستطيعون استقطاع وقت لزيارة القنصلية، أو الذين قد يكونون خائفين من الذهاب إلى السلطات، خوفاً من الترحيل.
وقد واتت «ميركادو سانشيز» هذه الفكرة عام 2007، خلال حصولها على درجة الزمالة في الصحافة في شمال كاليفورنيا. بعد ما يقرب من عقد من الزمان، وباعتبارها رئيسة تحرير صحيفة مالية رائدة في المكسيك «إل إكونوميستا»، ساهمت تجربتها في الولايات المتحدة عن المهاجرين المكسيكيين في تنفيذ هذه الفكرة.
وهناك أصبحت نشطة مع مجتمعات المهاجرين المكسيكيين في سان خوسيه، ودرست الهجرة إلى الولايات المتحدة في جامعة ستانفورد.
وجعلتها مناقشة مع مجموعة من المكسيكيين في الولايات المتحدة تعود بالذاكرة إلى مرحلة الطفولة. ففي ذات يوم زار ابن عمها، المولود في لوس أنجلوس، الأسرة في ولاية زاكاتيكاس. فسخرت هي وإخوتها الست من لغته الإسبانية، وقالوا له إنه ليس مكسيكياً. فبكى بينما كانوا هم يضحكون. وبعد مرور سنوات، أدركت أنها كانت السبب في بكائه: فقد كانت أسرته تقول له إنه ليس مكسيكياً، بينما كان أقرانه في المدرسة يقولون له إنه ليس أميركياً.
تقول إن المهاجرين المكسيكيين في الولايات المتحدة «غير مرحب بهم في أي من البلدين». ومع العودة بالذاكرة إلى الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، أدركت أهمية الاتصال والتفاهم.
تقول «ميركادو سانشيز»: «شعرت أن هذا يجب أن يحدث الآن وإلا فلا»، في إشارة إلى إطلاق الموقع الإلكتروني لـ «كونيكسيون ميجرانتي»، الذي بدأ البث المباشر يوم الانتخابات. اليوم، ينشر الموقع من ثلاث إلى خمس قصص أصلية يومياً. وقد حصد مقال عن شهادات الميلاد أكثر من مليون مشاهدة للصفحة خلال أيام من نشره.
ويتني إيوليتش
صحفية متخصصة في قضايا أميركا اللاتينية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»