عشية تخلي الإمبراطور إكيهيتو عن العرش واستخلاف ابنه ناروهيتو، تصارعت الشركات لإنتاج سلع تحمل اسم الحقبة الإمبراطورية الجديدة لليابان. واسم العصر الإمبراطوري الجديد هو «رايواه» وتعني «الانسجام الجميل». وعلى خلاف الانتقال الذي حدث عام 1989، حين دفعت وفاة إمبراطور زمن الحرب السابق هيروهيتو ومرضه لفترة طويلة قبل وفاته إلى حالة من الحداد القومي، فإن الإمبراطور الذي تخلى عن العرش هذه المرة يتمتع بصحة جيدة واليابانيون يتطلعون إلى عصر جديد أكثر أملا.
ووافقت غالبية عظمى من اليابانيين على طلب الإمبراطور اكيهيتو بالتخلي عن العرش وهي أول مرة فيما يقرب من 200 عام يفعلها إمبراطور في أطول ملكيات العالم المستدامة عمرا. ويُنظر إلى الإمبراطور اكيهيتو وزوجته باعتبارهما أكثر قربا من الناس عن والده الإمبراطور هيروهيتو الذي انتهت مكانته المقدسة ونفوذه السياسي مع هزيمة البلاد في الحرب العالمية الثانية. وأثناء فترة حكم الإمبراطور أكيهيتو والتي عرفت باسم «هيسي» وتعني «تحقيق السلام»، عملت اليابان على النأي بنفسها عن ماضي الحروب الوحشية والآلام التي أعقبت فترة ما بعد الحرب. لكنها شهدت أيضا انحدار قوتها الاقتصادية من نمو كان بلا حدود فيما يبدو في ثمانينيات القرن الماضي إلى ركود لا يتزعزع وبحث قومي عن الذات فيما يتعلق بالمستقبل.
ويرى ماساهيرو يامادا عالم الاجتماع في جامعة تشو أن «الشعب يستغل تغير الحقبة كمسوغ للاحتفال. اليابانيون يحبون الاستمتاع ويحبون أن يكون هناك سبب للاحتفال». والوقت ملائم تماما للإسراف في الإنفاق. فمراسم انتقال العرش الإمبراطوري تحل في عطلة مدتها عشرة أيام. كما أن اليابانيين يأخذون في الاعتبار زيادة في الضرائب على الاستهلاك بنسبة 2% من المقرر البدء في تطبيقها في أكتوبر المقبل، أي من المفضل أن يشتروا الآن. ودشنت شركات مثل كوكاكولا وكيت كات وشركة نيسان فود برودكتس التي تنتج النودل سريع التحضير منتجات تحمل اسم «رايواه» عليها.
وبداية عصر «هيسي» في الحقيقة كان منتعشاً لدرجة أن رجال الأعمال كانوا يتوجهون جواً إلى سيول عاصمة كوريا الجنوبية- لتناول العشاء ثم يعود إلى طوكيو بالطائرة لتناول الإفطار، بحسب قول "ستيفن ناجي" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة انترناشيونال كريستيان في طوكيو. لكن هذه «الفقاعة الاقتصادية» انهارت سريعاً وتحولت إلى ركود. وخسرت البلاد مكانتها الاقتصادية لتنزلق من ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى ثالث اقتصاد بعد الولايات المتحدة والصين. وبدأ عدد السكان في عملية تراجع بطيئة وغير مبشرة بالخير مما أدى على إثارة المزيد من القلق الاقتصادي مع تقلص قوة العمل.

*صحفية وكاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونتور»