بمجرد ظهور خبر تصنيف الولايات المتحدة الأميركية الحرسَ الثوريَّ الإيرانيَّ منظمةً إرهابيةً، قفز أحباب إيران وأنصارها في المنطقة للإعلان عن تضامنهم مع النظام الإيراني وبدؤوا العويل والصراخ، وظهر أن للذراع العسكرية الإيرانية المشبوهة حلفاء شرعوا في البكاء والحزن من أجله كما يفعل الأيتام، رغم أن خطوة تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية لا تقول إلا الحقيقة وقد تأخرت كثيراً.
حتى المجتمع الإيراني يعرف أن الكيان الإرهابي المسلح يمتص ثروة الإيرانيين ويوظفها لتمويل مشاريع وتحركات عسكرية بدوافع وخرافات أيديولوجية. فكل معارك الحرس الثوري خارج إيران قائمة على أساس نشر وتصدير الفوضى والطائفية والحروب المدمرة التي تقوض استقرار الشعوب، وتستفيد منظومة كهنة رجال الدين الذين يحرصون على الترويج في طهران لانتصارات وهمية، من نشر الإرهاب وتدمير الاقتصاد الإيراني وتجويع الإيرانيين.
كان من المنطقي أن تكون جماعات القتل والتطرف الطائفي في العراق أول الخاسرين من تقليص نفوذ الحرس الثوري، وكذلك «حزب الله» اللبناني وجماعة الحوثيين، وكل من لديهم حبل سري مع إيران التي تغذي الحروب القذرة في الشرق الأوسط، وهم حلفاؤها وأدواتها، ولن يستغرب أحد عندما يظهرون مشاعر الحزن والتضامن مع من يزوّدهم بالخبرات الإرهابية. لكن الغريب أن تضيف قطر كيانها بكل وقاحة إلى قائمة أيتام الحرس الثوري، ومثلها فعلت بدهاء وخبث تركيا.
بالنسبة لقطر نعرف أنها باعت نفسها بشكل نهائي لمن يجعلها تتنفس وتتحرك إعلامياً وسياسياً بأسلوب مضاد ومعادٍ للأمن القومي الخليجي والعربي. ومن خلال تحالفها مع إيران وتركيا، وبينهما جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة، وجدت قطر الحليف الإيراني مستعداً لاستخدام كل الأوراق الإرهابية، بما فيها ورقة التنظيمات الإخوانية، في سبيل نشر تطرفه الموازي. وهذا ما يفسر التعاون وتبادل الأدوار وحالة البكاء الجماعي التي ظهرت على وسائل الإعلام القطرية والإيرانية، تضامناً مع الذراع العسكري المستهدف.
أما الأتراك فإن أضلاع المثلث التركي الإيراني القطري تهمهم كثيراً، وخاصة في ظل مواجهة أردوغان هزات سياسية داخلية متوالية، وعلى خلفية الركود الاقتصادي وانهيار العملة التركية، حيث يظل بحاجة للمخزون المالي القطري، وللحليف الإيراني الذي يشترك مع تركيا في توظيف النقاط الساخنة خارج حدوده لإظهار نفوذه الخارجي في ساحته الداخلية المرتبكة.
ومن جهة أخرى يفضح الإعلام القطري توجهات السياسة الخارجية التي تبيع مواقف الدوحة لملالي إيران بدون مقابل. فمثلا عندما نتابع موقف إعلام قطر من حرب دعم الشرعية في اليمن، نجد أن الخطاب الإعلامي القطري يصطف بوضوح إلى جانب عملاء إيران. وبالتالي ليس غريباً أن يتضامن مع المنبع الذي يدعم الحوثيين متمثلاً بالحرس الثوري نفسه.
وبمناسبة الحديث عن أيتام الحرس الثوري، وفي ظل ما تشهده إيران حالياً من كارثة طبيعية تتمثل في الفيضانات والسيول التي كشفت عن ضعف البنية التحتية ومدى خطورة وتداعيات فساد النظام الإيراني وآثارها القاسية على الشعب الإيراني المغلوب على أمره. من ضمن الأخبار التي خرجت إلى العلن، أن تحركات الحرس الثوري وأساليبه الغريبة في إطار جهود دعم وإغاثة المنكوبين والمتضررين من السيول، قوبلت باستنكار رسمي وشعبي في إيران. وقد تمثلت جهود الحرس الثوري في دعم المتضررين من السيول باستخدام المتفجرات والألغام بكثافة، وأدى ذلك إلى تدمير طرق وجسور وسكك حديد داخل إيران، ووصل الأمر إلى استنكار الرئاسة الإيرانية أسلوبَ الحرس الثوري الإرهابي والتخريبي حتى عندما يدعي أنه يقدم المساعدة، وكانت مبرراته لاستخدام المتفجرات أنها كانت الحل الوحيد لتصريف مياه السيول!
إذا كان الحرس الثوري يتصرف بهذا الأسلوب الحربي الغبي داخل إيران، فكيف يتحرك بأتباعه وحلفائه خارجها؟ وبالطبع من أبرز تداعيات تصنيفه على لائحة المنظمات الإرهابية أن قطر سوف تكون ملزمة بضخ المزيد من الأموال لمساعدة إيران، لأن الكيان الإرهابي الذي تعرض للعقوبات يوصف بأنه دولة داخل الدولة، ويواجه التزامات اقتصادية وعسكرية لا تسمح ظروف الأتراك بالمساهمة في تغطيتها، ولن يكون أمام الدوحة سوى الاتساق مع تصريحاتها المتضامنة باعتبارها أحد أبرز أيتام الحرس الثوري وضحاياه في الوقت ذاته.