كم يستغرق الاقتصاد الأميركي من وقت حتى ينفد ما لديه من الأيدي العاملة؟ هذا هو السؤال الذي يدور في الاحتياط الاتحادي والشركات الخاصة. وإذا بلغ الاقتصاد الأميركي مرحلة التشغيل الكامل للعمال، فهذا يعني أن إبقاء معدلات سعر الفائدة منخفضاً قد يتسبب في تضخم. ويعني أيضاً أن الشركات ستضطر إلى رفع الأجور كي ينتزعوا العمال من بعضها البعض.
وسوق العمل الأميركي يبدو قوياً. فقد أضاف الاقتصاد الأميركي، في يناير الماضي 304 آلاف وظيفة وهو عدد أكبر من المتوسط. لكن المعيار «يو6»- وهو أوسع معيار للبطالة- بلغ المستويات السابقة على الركود رغم أنه ارتفع قليلاً في يناير.
لكن البعض يزعمون أنه مازال هناك عدد كبير من الناس ينتظرون العودة إلى العمل وهو جيش عاطلي الظل. وكدليل على هذا، يشير هؤلاء إلى أن مشاركة قوة العمال لم تتعاف بعد من الركود الكبير.
وهناك مشكلة تتمثل في أن مفهوم البطالة برمته غامض. فكون المرء بلا وظيفة، سواء أكان عاطلاً عن العمل أم خارج قوة العمل، يتوقف على قول المرء إنه يبحث جاداً للعثور على عمل. لكن ما مدى هذا الجد في البحث؟ هل يعني هذا إرسال سيرة ذاتية في الشهر أو سؤال الأصدقاء من حين إلى آخر عن صاحب عمل يعرفونه يبحث عن عمال؟ ولا تقدم عمليات المسح التي تقوم بها الحكومة تعريفاً صلباً وسريعاً لهذا. وما عدد المتوافرين في سوق العمل الذين يقبلون بسعادة وظيفة لكنهم لا يعرفون فحسب كيفية البحث أو تم رفضهم في وظائف حتى سئموا البحث؟
وإذا كان هناك عدد كبير من هذه الفئة الأخيرة، فهذا يعني أن الأرقام الرسمية- حتى بمعيار «يو6» الذي ذكرناه آنفا- تقلل من العدد الحقيقي للناس الذين يمكن استدراجهم في صفوف العاملين بعد ظروف اقتصادية أفضل.
وعدد الذين يقولون إنهم يريدون عملا لكنهم يجدون في البحث ارتفع في فترة الركود لكنه انخفض منذئذ وهو في الواقع في مستوى أدنى مما كان عليه عام 1998. وإذا بقيت بطالة ظل في الاقتصاد الأميركي فهي غير موجودة هنا. لكنْ هناك عامل أكبر بكثير يتمثل في التقدم في العمر. فالتقاعد يمثل 61% من التراجع الإجمالي في المشاركة في قوة العمل. وفي زمن الركود الكبير، بدأ عدد أكبر من الناس يتقاعدون ولم يتوقف التوجه. ولطالما كان التقاعد الجماعي لجيل الطفرة الولادية متوقعاً لكن الكساد عجل به فيما يبدو.
والعوامل الكبيرة الأخرى التي تمنع المشاركة في قوة العمل هي الاحتياجات الخاصة أو المرض أو الدراسة. فإذا كانت هناك بطالة ظل فهي تتمثل في أشخاص يختبئون في الدراسة حتى يتحسن سوق العمل أو أصحاب احتياجات خاصة لا يمكنهم الذهاب إلى العمل إلا بصعوبة. وتصاعد طلبات العمل من أصحاب الاحتياجات الخاصة أثناء الركود وانخفاضها منذ تعافي الاقتصاد، يعني أن هناك بعضاً من أصحاب الاحتياجات الخاصة ما زالوا بلا عمل. وفي الوقت نفسه، انخفضت طلبات الالتحاق بالجامعات قليلاً مع تحسن احتمالات فرص العمل. لكن كلا الأمرين محدود التأثير على الأرجح، لأن معظم أصحاب الاحتياجات الخاصة لا يمكنهم العمل غالباً، والأهمية المتزايدة للتعليم في أسواق العمل توحي بأن ترك الدراسة ليس خياراً مفضلاً بالأساس.
ولذا فمن المرجح أن بطالة الظل تتقلص. لكن هذا لا يعني أنه يجب على الاحتياط الاتحادي أن يرفع سعر الفائدة أو على الحكومة الاتحادية اتباع نهج التقشف. والآن، والاقتصاد الأميركي يقترب من التوظيف الكامل للعمال، فمن المرجح أن تتحول الزيادة في الطلب المجمع على الوظائف إلى زيادة في الأجور. والآن هو الوقت الملائم تماماً كي ينتهز صناع القرار الفرصة ويسعوا جاهدين لإصلاح شأن الأجور الراكدة منذ عقود.
*ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"