أثناء سيطرتها على أفغانستان في أواخر تسعينات القرن الماضي، فرضت حركة «طالبان» قواعد صارمة: على سبيل المثال، كان أداء صلاة الجمعة في المسجد إلزامياً، ويتم تنفيذ ذلك بالضرب بالسوط. كما تم منع الموسيقى وصور الأشخاص، لذا كانت نقاط التفتيش التابعة للحركة تتميز بسحب رقاقة من الشرائط المغناطيسية التي كان يتم سحبها من أجهزة التسجيل التي تتم مصادرتها من السائقين المارين.

بيد أن القيود الصارمة التي فرضت على النساء قبل عقدين من الزمان كانت الأكثر تذكراً على نطاق واسع: فقد أجبرت حركة «طالبان» النساء على ارتداء البرقع بالكامل في الأماكن العامة، ومنعتهن من العمل أو الحصول على التعليم. هذه الذكريات تخلق قلقاً واسع النطاق بين العديد من النساء الأفغانيات، لا سيما مع تقدم مباحثات السلام التي تقودها الولايات المتحدة مع «طالبان». وقد استأنف «زلماي خليل زاد»، المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان، اجتماعاته هذا الأسبوع مع أعلى وفد لـ«طالبان»، بقيادة المؤسس المشارك للحركة «الملا عبد الغني بارادار». ويسعى المفاوضون الأميركيون إلى إنهاء أطول حرب خاضتها أميركا، بينما تسعى حركة «طالبان» الإسلامية إلى العودة إلى الحكم. ويرى مسؤولون أميركيون أن أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن حماية المكاسب التي حققتها النساء والمجتمع المدني.
ويتجسد الخوف من عودة طالبان إلى السلطة بشكل ما، وخطر تجديد القيود الاجتماعية القاسية على المرأة، في منشور شوهد في كابول.
ويظهر المنشور رجلاً من «طالبان»، وهو يضرب النساء اللائي يرتدين البرقع الأسود في الشارع، ويحمل عبارة «أفغانستان لن تعود!»، ولكن حتى مع خوف البعض من عودة مواقف «طالبان» تجاه المرأة، يقول أفغان آخرون إن مثل هذا التراجع غير مرجح: لقد انتقلت أفغانستان من أواخر عام 2001، عندما خطط الجيش الأميركي للإطاحة بـ«طالبان»، وقامت المرأة منذ ذلك الحين بتعزيز دورها.
تقول «فرخندة إحسان»، التي تعمل في قناة «زان» التلفزيونية التي تهدف إلى تمكين المرأة الأفغانية من خلال نظام مستمر من البرامج التي تسلط الضوء على قضايا المرأة وتقدمها «هل يمكن لطالبان العودة بنا إلى الوراء؟ لا، هذا يكاد يكون مستحيلًا. ويتصدر«تلفزيون المرأة» مهمة تقليص أفكار «طالبان»، مع مخرجاته وصحافياته والعاملين ومعظمهم من النساء، اللائي يعتبرن دليلاً ملموساً على الحركة المتقدمة.
تقول إحسان: «ستواجه طالبان أفغانستان مختلفة تماماً..الحركة ستواجه المرأة التي تتمتع بقوة أكبر في الاقتصاد والمجتمع والإعلام على وجه الخصوص. ليس هذا هو الوقت المناسب لفرض أي شيء علينا».
ويشير زعماء طالبان – الذين يتفاوضون بشكل متقطع مع دبلوماسيين أميركيين وشخصيات في المعارضة الأفغانية في موسكو – إلى أن بعض المكاسب التي حصلت عليها المرأة سيتم الحفاظ عليها. لكنهم أيضاً يقولون إن الحقوق الممنوحة للمرأة تخضع لمعايير غير واضحة لـ«الحكم الإسلامي» و«الثقافة الأفغانية».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال«شير محمد عباس ستانيكزاي»، الرئيس السياسي لحركة طالبان، لشبكة «بي. بي. سي» نعم، إنني أقول لكن إن "المرأة" يمكنها الذهاب إلى المدرسة والجامعات. ويمكنها العمل. إن صدق هذا التغيير الواضح هو موضوع رئيسي للنقاش بين النساء الأفغانيات، اللائي يشكلن 65 في المئة من شعب أصغر من أن يتذكر حكم «طالبان».
وقالت «فريشتا فارهانج»، 21 عاماً، وهي مراسلة لصحيفة «خبرناما.نت» الإلكترونية في كابول: هناك تغييرات كثيرة حدثت في الـ17 أو 18 عاماً الماضية في البلاد. لقد تغير الناس، وتغيرت العقول. لذا فإن هذه التغييرات أيضاً لها تأثير إيجابي على "تغيير" عقول طالبان.
واستطردت :هناك فارق كبير بين طالبان القديمة وطالبان الجديدة. وجاءت اللحظة الحاسمة في يونيو الماضي، خلال وقف إطلاق النار الذي استمر ثلاث سنوات، عندما قام مسلحو طالبان وقوات الأمن الأفغانية على حد السواء بتنحية أسلحتهم جانباً.
وقالت فارهانج: بعد وقف إطلاق النار، أدركت حركة طالبان أن المرأة نشطة في كل مكان، في التعليم والاقتصاد. وأضافت: أن العديد من النساء الأفغانيات لن يقبلن طالبان مرة أخرى. ولكن ما يجب أن نركز عليه هو السلام. إنه الصراع العنيف الذي له تأثير سلبي على التعليم وكل مجالات التنمية.
ليس كل الأفغان مقتنعون بمصداقية طالبان. لكن هذا ليس فقط في 12 في المئة من الأراضي الأفغانية التي تسيطر عليها طالبان والـ 34 في المئة التي تتنافس عليها، وفقا لأرقام الجيش الأميركي الصادرة في 31 يناير – حيث تتواصل قضايا كراهية النساء والعرائس الأطفال وجرائم الشرف.
وذكرت الأمم المتحدة أن 3840 حالة وفاة حدثت في العام الماضي، بزيادة 11 في المئة عن 2017. وأشارت إلى أن هجمات «طالبان» على المدنيين تضاعفت تقريباً في 2018 مقارنة بـ2017. بالنسبة للمرأة، فإن تسمم الغذاء والآبار في مدارس الفتيات، لثنيهن عن الذهاب إلى المدرسة، كان علامة على عدم تغير التوجهات. ومع ذلك، فقد صممت «طالبان» قواعدها وفقاً للاحتياجات المحلية –مما سمح باستمرار تعليم الفتيات في الأماكن التي تخضع لسيطرتها.
سكوت بيترسون
صحافي متخصص في شؤون الشرق الأوسط
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»