تحدث الكاتب خليل علي حيدر في مقاله على هذه الصفحات يوم الأربعاء الأخير عن “العراق الجديد.. في الشهر السادس”، وأورد على لسان الدكتور محمد الرميحي توصيفا لذلك العراق كمريض “أجريت له عملية جراحية كبرى وهو الآن في مرحلة الانتعاش”. لكن دون أن يبين أي منهما ما إذا كان الطبيب الجراح طبيبا شرعيا أم طبيبا مزيفا يمارس جراحة الاغتصاب والنصب والاحتيال على “مرضاه”! لكن الدكتور الرميحي الذي كثيرا ما وصف الغزو الأميركي للعراق باعتباره المدخل الضروري والوحيد لإدخال الديمقراطية إلى حياتنا السياسية في العراق، نجده هنا يحذر من “التعجل” في تنظيم الانتخابات، كما يدافع عن السياسة الطائفية التي تتبعها الولايات المتحدة في العراق لأن “سببها تركيبة المجتمع العراقي”! أما خليل علي حيدر فيوجه لوما شديدا إلى العراقيين لأنهم لا يبذلون “الجهد المطلوب” في تعرية لا إنسانية النظام المخلوع! لكن إذا كانت نتيجة ذلك الجهد الذي يدعو حيدر العراقيين إلى بذله، هي مجرد إنشغالهم بالماضي الذي انتهى، فلصالح من يكون الاستمرار في تلك المقارنة؟
ويطالب حيدر بمحاصرة من يسميهم “أيتام صدام حسين” في “البيئة الإعلامية العربية المريضة”! وهو يذكرنا هنا بدعوات “الاستئصال” و”الاجتثاث” و”التصفية الكاملة” التي أطلقها مثقفون “ديمقراطيون” عراقيون وعرب، ليثبتوا مرة أخرى أمام الجماهير حقيقة كونهم ليسوا ديمقراطيين ولا علاقة لهم إطلاقا بالديمقراطية. ويقول حيدر إنه “لا ينبغي للشعب العراقي وقوى الحلفاء أن يقفا متفرجين على تدخل دول الجوار في التجربة العراقية وتطور أحداثها”! لكن على افتراض أن دول الجوار تمارس بالفعل تدخلا في العراق كما يشير حيدر، فبأي تسمية يمكن أن نسمي الوجود العسكري الأميركي هنا؟ الحقيقة أن ما يحدث الآن في العراق ليس تجربة عراقية، ولكنه تجربة أميركية في العراق. وأخيرا ماذا يتبقى لنا من حق في ادعاء صفة الديمقراطية، حين نبارك الاحتلال وندافع عن الطائفية وندعو إلى الإقصاء وسياسة الاستئصال ونطالب بتعطيل الانتخابات؟
ماهر كريم ــ بغداد