الآن وقد انتهى الإغلاق الحكومي، ربما من المناسب بحث سؤال في غاية الصعوبة: هل ما زال من المقبول أن تقول لأحد إن عليه أن يدخر مالاً أكثر؟ إنه سؤال فرض نفسه خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة، عندما لم يتوصل مئات الآلاف من العمال الحكوميين الفدراليين، والعديد من المتعاقدين الحكوميين، برواتبهم ومستحقاتهم، ما ترك الكثيرين منهم من دون مال. والواقع أنني أتعاطف كثيراً مع العمال المسرَّحين والمحبَطين - وزوجتي واحدة منهم - وأعتبرُ أن الإغلاق الحكومي كان عملاً سيئاً. ولكن لديّ شعور مقلق على نحو متزايد بشأن الخطاب المحيط بذلك.
فقد تأسفت لرؤية كثير من المعلّقين يقللون من شأن فكرة التوفير، باعتباره واجباً اجتماعياً وفردياً أساسياً. والأكيد أنه في أي حالة من الحالات ينبغي أن نتجنب انتقاد أي شخص لأنه انتهى به الأمر به دون توفير أو بتوفير قليل، إذ من الصعب جداً معرفة التفاصيل الكاملة لحياة أي شخص، كما أن أي كارثة غير متوقعة أو حالة طوارئ طبية يمكن أن تأتي حتى على أكثر مخططات التوفير تحوطاً.
ولكن حجية هذا النوع من التفسيرات تنتهي هنا. فخلال ربع القرن الأخير، كان معدل التوفير الشخصي في العادة تحت 10 في المئة، وفي كثيرٍ من الأحيان تحت 5 في المئة. وبشكل عام، فإن معظم الأميركيين لا يوفرون ما يكفي. وهذا بمنأى عن أي محنة قد يتعرضون لها أو ظروف مادية قد يمرون بها - والأكيد أن الموظفين الفيدراليين عانوا الاثنين.
أحد التبريرات التي تتكرر هو أن تكلفة المعيشة مرتفعة في أميركا المعاصرة، وأن الأسر التي لديها أطفال لا يمكن أن نتوقع منها توفير الكثير. ولكن هذه ليست حجة على أن الناس لا يستطيعون أو لا ينبغي أن يقوموا بالتوفير. بل إنها يمكن أن تكون حجة على ضرورة أن يدخروا أكثر ويستهلكوا أقل. وعلى سبيل المثال، فإن معظم طائفة «المورمون» في الولايات المتحدة يتمكنون من توفير 10 في المئة من مداخيلهم على الأقل. وهذا دليل على أنه من الممكن أن يكبح المرء استهلاكه من دون أن يفقد أفضل الأشياء في الحياة.
لقد كان من العقل وحسن السلوك منذ قرون أن يقوم الناس بالتوفير تحسباً لمستقبل غير أكيد. وسيكون من المخجل أن يكون مثل هذا الخطاب على وشك أن يصبح «غير لائق سياسياً»؛ لأنه يبدو أشبه بإلقاء اللوم على الضحية.
وإذا كانت رئاسة ترامب قد خلفت ضحايا كثيرين، فينبغي ألا نسمح للعقل والمنطق بأن يكونا ضحيةً أخرى من ضحاياها. والعقل يقول إن على معظم الأميركيين أن يقوموا بالتوفير أكثر.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»