رأينا الأسبوع الماضي أهم ما جاء به الدستور المغربي فيما يتعلق بمسألة التسامح الديني، وسنرى في هذه المقالة مسألة المساواة كشروط لدولة الحق والقانون. أول تجليات هذا المبدأ يكمن في كون المغاربة من كلا الجنسين لهم الحق في المشاركة بالانتخابات. إضافة إلى المساواة في فرص الحصول على الوظائف العمومية (الفصل 12)، وكذا المساواة أمام الضرائب على أساس القدرة.. وهاته المسائل مسطرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وليس هناك نص وطني أو دولي في هذا المجال لا يشير إلى ذلك.
وفيما يتعلق بمبدأ المساواة، فقد تم استبدال صيغة الحقوق السياسية المتساوية بين الرجال والنساء في دستور 2011 بالإحالة إلى الحقوق المدنية والسياسية (الفصل 30)، والتي تتماشى مع الجهود المبذولة منذ بداية حكم  جلالة الملك محمد السادس لصالح الوضع المدني للنساء، لاسيما من خلال مدونة الأسرة. وللتذكير، فإن أول ميدان شهد إصلاحات مهمة هو مجال حقوق المرأة، وذلك سنَة 2004. وجاءت البشائر الأولى لهذا التغيير في سنة 1999 عندما تساءل جلالة الملك غداة اعتلائه العرش: «كيف يمكن ضمان التقدم والرفاهية لمجتمع، ونساؤه، اللواتي يشكلن نصفه، يرين حقوقهن مهضومة ويعانين من الظلم والعنف والتهميش، على حساب حقهن في الكرامة والإنصاف الذي يمنحه لهن ديننا الحنيف؟». وفي إطار مقاربة شجاعة ومتجددة وشاملة، تمت المصادقة على مدونة الأسرة، بهدف تحسين وضعية المرأة المغربية، عبر منحها المكانة التي تستحقها في مجتمع منفتح وحداثي، جاعلةً من المغرب مثالاً يحتذى به في المنطقة العربية. وقد استجابت المستجدات المتضمنة في المدونة الجديدة للأسرة للعديد من مطالب الجمعيات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان من أجل مواطنة كاملة وشاملة للمرأة المغربية.
ولضمان ظروف جيدة لتطبيق مدونة الأسرة، تم إحداث محاكم الأسرة، وهي المحاكم المؤهلة مادياً وبشرياً ومسطرياً للنظر في القضايا المرتبطة بالأسرة، كما تم إحداث صندوق للتضامن الأسري. ولعل انخراط الشعب المغربي في الإصلاحات، عبر الاستشارات الوطنية والمحلية، قد رسخ شرعيتها جميعاً.
وكان المغرب أول دولة من جنوب الحوض المتوسط تستفيد من الوضع المتقدم للاتحاد الأوروبي ومن وضع «الشريك من أجل الديمقراطية» الذي تمنحه الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي، مما يمثل اعترافاً دولياً بجهود المغرب ومكتسباته في هذا المجال.
ولا جرم أن كل هاته الإجراءات تقوي ما جاءت بها البنود الأخرى لدستور سنة 2011 حول المساواة، خاصة فيما يتعلق بـ«الحقوق والحريات الأساسية» حيث «يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية» (الفصل 19).
وفيما يتعلق بالمساواة في الحصول على الحقوق السياسية، لا يأخذ الفصل 30 موقفاً لصالح النساء فقط، ولكن أيضاً لصالح الأجانب، مع حقوق يمكن فهمها من ناحيتين: فمن جهة، يتمتع هؤلاء بالحريات الأساسية المعترف بها للمغاربة وفقاً للقانون، ومن جهة أخرى يمكنهم المشاركة في الانتخابات المحلية، إلا عند وجود قانون خاص أو اتفاقية دولية.
ويشار هنا إلى أنه لم يتم تضمين حق المساواة في العمل والشغل، بما في ذلك القطاع العمومي، في فصل واحد ولكنه وزع في ثلاثة فصول مخصصة على التوالي للمواطنين والأسرة والشباب (الفصول 31 إلى 33). فمن فصل إلى آخر، تتقارب التأكيدات رغم أن الفصل 31 هو الأكثر وضوحاً فيما يتعلق بالمناصب العمومية: «حق [...] ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق». وتعطي الحقوق الاجتماعية للمواطنين بوضوح مكاناً للتعليم: «حق [...] الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة... [و] الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي» (الفصل 31).
وكان الفصل الثالث حول الأسرة صريحاً فيما يتعلق بكون «التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة» (الفصل 32). أما بخصوص الشباب، فالسلطات العمومية مطالبة باتخاذ التدابير المناسبة من أجل «مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني» (الفصل 33).