ظهرت مؤشرات إضافية تكشف أن مقدرة قطر على تنظيم مونديال 2022 أصبحت على كف عفريت. ويبدو أن المخاوف الدولية تجاه الإخفاق القطري بهذا الشأن سوف تضطر «الفيفا» إلى دراسة خيارات بديلة، من بينها نقل كأس العالم في اللحظات الأخيرة إلى دولة أخرى، قد تكون إنجلترا.
الحدث الرياضي العالمي ينتظره جمهور عريض وتستحيل التضحية بدورة 2022 أو تركها لقطر التي اتضح أنها غير جاهزة لاستضافة حدث بهذا المستوى. ولا يعقل أن يتم إخضاع المونديال القادم لاجتهادات قطرية متواضعة تكتنفها الشكوك. بل إن الاشتباه بتقديم قطر لرشاوى من أجل الفوز بتنظيم كأس العالم من الأمور التي فتحت الأبواب منذ البداية أمام التفكير بإعادة النظر في استضافة الدوحة لحدث بهذا الحجم، واتضح أن همّ قطر هو التفاخر دون احتساب عواقب الفشل أو العجز عن الوفاء بالمتطلبات اللوجستية التي تكفل التنظيم الناجح للتظاهرة الرياضية الأكبر على مستوى العالم.
ومما زاد حجم الورطة القطرية أن الدوحة عزلت نفسها عن محيطها الجغرافي، بينما كانت الفيفا أثناء قبولها باستضافة الدوحة للمونديال تراهن على الدول المجاورة لتغطية العجز القطري والمساهمة في تخفيف الضغط الجماهيري المتوقع. وبخاصة أن مساحة قطر ضئيلة وبنيتها التحتية لا تحتمل استقبال أكثر من مليونين من الجمهور الذي يتوقع أن يحضر مباريات كأس العالم.
كان المحللون يدركون منذ البداية أن الحدثَ أكبرَ من قطر وأنها ستكون بحاجة للدول المجاورة، لكنها دخلت في أزمة سياسية مع محيطها الخليجي، أزمة عادت عليها بخسائر اقتصادية وسياسية خطيرة. لكن النظام القطري واقع تحت هيمنة الأمير الأب الذي لا يزال يكابر ويحاول الإبقاء على تحالفات الدوحة مع الإسلاميين وعلى سياسة إعلامية تخدم المتطرفين وتقلق الآخرين الذين يتبنون مكافحة الإرهاب والتطرف.
الوقت يمر سريعاً، وفي الآن ذاته لا تزال الشكوك تتزايد تجاه احتمالات فشل الدوحة بتوفير المتطلبات الأساسية لتنظيم كأس العالم. وقبل أيام حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات جديدة أعادت فتح هذا الملف، خصوصاً مع إعلان جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم عن بحث الاتحاد إمكانية زيادة عدد الفرق المشاركة في كأس العالم القادم إلى 48 فريقاً بدلا من 32 فقط. وعلى ضوء ذلك تتضاعف ورطة قطر مع كأس العالم، وتبرز إلى السطح أزمتها مع محيطها الخليجي وعجزها عن التعاطي بعقلانية سياسية مع مطالب جيرانها. ومع كل انسداد اقتصادي أو سياسي يواجه الدوحة، تذهب إلى معالجة أزماتها بتعقيدها أكثر، وذلك من خلال التقارب أكثر مع إيران وتركيا، بينما لا يمنحها ذلك التقارب سوى المزيد من الانهيار والخسائر، لأنها تتحرك سياسياً بما يتناقض مع الأمن القومي لمنطقة الخليج التي لا تستطيع الانسلاخ عنها جغرافياً وثقافياً.
ومن الناحية المنطقية لو أن النظام القطري يصغي للعقلاء فسيعرف أن المال وحده لا يكفي لتحقيق حضور متميز للدول. وبشأن تنظيم كأس العالم هناك ما لا يقل عن 2 مليون زائر متوقع، مما يثير التساؤل حول مدى امتلاك الدوحة للبنية التحتية الملائمة لاستقبال هذا العدد من البشر خلال 3 أو 4 أسابيع يقام خلالها المونديال.
حتى الآن تقول قطر إنها أنفقت 200 مليار دولار، ولو أنها حافظت على علاقاتها مع جيرانها ونفذت مطالب دول المقاطعة، لنجت من ورطتها الكبيرة التي قد تصل إلى درجة نقل كأس العالم إلى دولة أخرى. وبنظرة فاحصة على خريطة منطقة الخليج، تظل قطر في مثل هذه المناسبة بحاجة لأكبر دولتين مجاورتين لها، أي السعودية والإمارات. وعندما تصر على اختلاق العداوات مع جيرانها فإنها تضع نفسها في مأزق لا تحسد عليه.
وغير بعيد عن حدث كأس العالم المرتقب وما سبقه من ملابسات، تداولت وسائل الإعلام الدولية باستغراب خبر قيام قطر بفرض زيادة ضريبية نسبتها 100? على المشروبات الكحولية اعتباراً من بداية العام الجاري، وتساءل كثيرون حول خلفية هذا القرار الغريب ومدى جدية قطر في استضافة المونديال، لأنها من خلال رفع الضريبة على الكحول تظهر عجزها عن الترحيب بجماهير الحدث العالمي وتوجه إليهم مقدماً رسالةً سلبية.