تتطلع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تطوير نظامها التعليمي بشكل متواصل، سعياً إلى تعزيز جودة المسارات التعليمية، مهنياً وأكاديمياً، وتحقيق مخرجات بحثية مؤثرة، تسهم في رفد عجلة اقتصاد المعرفة، وتحقق أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال اعتماد خطط واستراتيجيات وطنية، تقوم على تزويد الطلبة بالمهارات الفنية والعملية، ليكونوا مساهمين فاعلين في دفع عجلة الاقتصاد، من خلال تخريج أجيال من الطلبة المتخصصين والمحترفين القادرين على العمل في القطاعات الحيوية، وفي مسارات الأبحاث وريادة الأعمال وسوق العمل.
ومؤخراً أطلقت وزارة التربية والتعليم مبادرة «تصنيف الجامعات» بنسختها التجريبية، الرامية إلى تصنيف مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، استناداً إلى معايير ومنهجيات علمية وشفافة، تواكب فضلى الممارسات العالمية، وترتقي بجودة مخرجات العملية التعليمية ككل، وخاصة أن هذه المبادرة سبقها إجراء تحليل ودراسة لمجموعة من الآليات والمعايير اللازمة لقياس أداء الجامعات المعتمدة من المؤسسات العالمية؛ كالمعايير المستخدمة في تصنيف «كيو إس» للجامعات العالمية، وتصنيف «التايمز» للجامعات العالمية، وتصنيف «شنغهاي» للجامعات العالمية.
وجاء اعتماد الوزارة لمبادرة «تصنيف الجامعات» من خلال تحديد 43 معياراً، تقع ضمن خمسة محاور رئيسية، تهدف إلى إشراك المؤسسات التعليمية واستشارتها في عملية تصميم نظام التصنيف الذي يحقق مجموعة من المعايير، تواكب متطلبات العملية التعليمية والاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي في الدولة، حيث قال معالي الدكتور أحمد بن عبدالله حميد بالهول الفلاسي، وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، إن المبادرة تشكل «إحدى ثمار الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي في محور الجودة، والتي تهدف إلى رفع تنافسية المؤسسات التعليمية في الدولة، والارتقاء بجودتها إلى مستويات ريادية عالمياً، من خلال تطوير معايير وطنية شفافة لتواكب احتياجات المنظومة التعليمية ومتطلبات سوق العمل وعناصر البحث العلمي والتعاون الدولي، وإخضاع هذه المعايير للدراسة والتحليل المستمرين، بالشكل الذي يضمن كفاءتها في قياس احتياجات قطاع التعليم العالي بالشكل الأمثل في ظل المتغيرات الحالية والمستقبلية، وفي الوقت نفسه توفير حوافز قوية لدعم مسيرة المؤسسات التعليمية، ودفع عجلة العملية التعليمية إلى الأمام».
لقد ركزت وزارة التربية والتعليم في مبادرتها لـ «تصنيف الجامعات»، على تحقيق خمسة محاور، هي: جودة التدريس، والبحث العلمي، والعلاقات الدولية، والمهارات والتوظيف، والابتكار، من خلال قياس مجموعة من المؤشرات الأكاديمية والمهنية والبحثية والوظيفية والخدمية الدالّة على كفاءة المؤسسة التعليمية، وذلك في ترجمة لرؤية القيادة الرشيدة المتمثلة في الاستثمار في رأس المال البشري، وبناء مجتمع معرفي يتحقق بتوافر مؤسسات تعليمية كفؤة، ومخرجات تعليمية مبتكرة تصل بهم إلى تحقيق مستهدفات الأجندة الوطنية لـ«رؤية الإمارات 2021»، و«مئوية الإمارات 2071» في تعزيز مكانة الدولة إقليمياً وعالمياً في القطاعات الحيوية كافة.
إن إيجاد بيئة علمية متكاملة ذات معايير ممنهجة، ترتقي بجودة مخرجات قطاع التعليم، يشكل هدفاً رئيسياً لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لما له من أثر إيجابي في جعل هذه المنظومة عاملاً محفزاً لتحقيق النمو، وبناء قيادات أكاديمية ومهنية مستدامة قادرة على الابتكار والإبداع واستخدام التقنيات الحديثة، واكتساب المهارات والخبرات التي تواكب التطور التقني والتكنولوجي الحاصل، عبر تأهيل كوادر تعليمية وفنية وإدارية تتسلح بالمعرفة، وتسهم في بناء اقتصاد تنافسي، انطلاقاً من أن التعليم بأشكاله كافة، يعدّ ركيزة أساسية لتعزيز مسيرة التطور المستدام، ويلعب دوراً مهمّاً في مواكبة تطورات الثورة الصناعية الرابعة، ويعزز من تنافسية الدولة ومكانتها العالمية، عبر سلسلة من البرامج والاستراتيجيات الطموحة التي تسهم في خلق بيئة تعليمية وثقافية وتكنولوجية في المؤسسات التعليمية في الدولة، تضمن التعليم المتكافئ، وتحقق الكفاءة المتميزة للهيئات التعليمية، وتضمن جودة وكفاءة وحوكمة الأداء التعليمي والمؤسسي، ضمن بيئة تعليمية آمنة ومحفزة.

 *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.