لاحظ الكاتبان جريج لويانوف وجوناثان هيديت في كتابهما الجديد «تدليل العقل الأميركي» أن شباب هذه الأيام في الولايات المتحدة يستبد بهم هاجس الأمن ويؤرقهم، ويسبب لهم القلق والاكتئاب. ووصفت آشلي فيترز في مقال بمجلة «آتلانتيك»، عن تلامذة المدارس، صعود جيل يبحث دوماً عن أبواب الخروج تحسباً لحدوث إطلاق نار. فكيف انتهى الحال إذن بأميركا حتى خلقت المخاوف المرضية لدى هذا الجيل؟
صحيح أن إطلاق النار في المدارس من أبشع الجرائم في العالم، لكنه من أكثرها ندرة. ويؤكد عالما الجريمة جيمس آلان فوكس وإيما فريديل أن هناك نحو 10 تلامذة أميركيين يقتلون سنوياً في إطلاق نار داخل المدارس، وهو معدل لم يرتفع منذ التسعينيات.
وهذا لا يعني أننا كمجتمع يجب ألا نحاول التصدي لعمليات إطلاق النار تلك، لكن يجب ألا نعطيها أهمية زائدة في حياتنا اليومية. فاحتمالات موت الأطفال الأميركيين أقل من أي وقت مضى في التاريخ البشري، وإذا تعرضوا للموت فذلك غالباً في حادث تحطم سيارة وليس إطلاق نار في المدارس. وحياة الأطفال في العصر الحالي باتت أكثر أماناً وصحة.. فلماذا يستبد بهم القلق؟
تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دوراً في إثارة القلق، لأنها تقدم نبعاً غزيراً من مثيرات القلق. وهناك وسائل الإعلام الإخبارية. فعمليات الخطف وإطلاق النار الجماعي تجري تغطيتها بكثافة. والبشر لا يمكنهم التعامل مع هذه المعلومات بذاك النوع من البرود الوجداني المستخدم في التعامل مع إحصائية!
لكن قلقنا الحقيقي ينبغي أن ينصب على الدورة المتواصلة من الأنباء السيئة، والتي تؤجج نيران الخوف من أحداث غير محتملة وقد تخلق المزيد منها. فقد انحسرت موجة إطلاق النار في المدارس نهاية التسعينيات حين حولت هجمات 11 سبتمبر اهتمام وسائل الإعلام عنها. وإذا اهتمت وسائل الإعلام بالمخاطر الكبيرة أكثر من اهتمامها بالمخاطر الثانوية، فسيكون الأطفال على ما يرام.

ميجان مكاردل
صحفية وكاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»