لا يمكنك الفوز في هذه الحرب عن طريق تجويع شعب بأكمله. في أسوأ الظروف التي يمكنك تخيلها - بعد الأعاصير والزلازل والقنابل وإطلاق النار - دائماً ما يظهر أفضل ما في الإنسانية. إن الأشخاص السبعة الذين قتلوا أثناء مهمة «وورلد سنترال كيتشن» World Central Kitchen في غزة يوم الاثنين كانوا من أفضل البشر.

إنهم ليسوا مجهولي الهوية. وهم ليسوا عمالاً عاديين للإغاثة أو الأضرار الجانبية في الحرب. لقد خاطر «سيف الدين عصام عياد أبو طه»، و«جون تشابمان»، و«جاكوب فليكينجر»، و«زومي فرانككوم»، و«جيمس هندرسون»، و«جيمس كيربي»، و«داميان سوبول»، بكل شيء من أجل النشاط الإنساني الأساسي: تقاسم طعامنا مع الآخرين. هؤلاء هم الأشخاص الذين خدمت معهم في أوكرانيا وتركيا والمغرب وجزر البهاما وإندونيسيا والمكسيك وغزة وإسرائيل. لقد كانوا أكثر بكثير من مجرد أبطال. لقد كان عملهم مبنياً على الاعتقاد البسيط بأن الغذاء هو حق عالمي من حقوق الإنسان.

ولا هو مشروط بكونك جيداً أو سيئاً، غنياً أو فقيراً، يسارياً أو يمينياً. نحن لا نسألك إلى أي دين تنتمي. نحن فقط نسأل كم عدد الوجبات التي تحتاجها. منذ اليوم الأول، قمنا بإطعام الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. في جميع أنحاء إسرائيل، قدمنا أكثر من 1.75 مليون وجبة ساخنة. وقمنا بإطعام العائلات التي شردتها صواريخ «حزب الله» في الشمال.

لقد أطعمنا العائلات المكلومة من الجنوب. وقمنا بتوصيل وجبات الطعام إلى المستشفيات، حيث تم جمع شمل الرهائن مع عائلاتهم. لقد طالبنا باستمرار، مراراً وتكراراً، وبحماس بالإفراج عن جميع الرهائن. وطوال الوقت، كنا نجري اتصالات مكثفة مع المسؤولين العسكريين والمدنيين الإسرائيليين.

وفي الوقت نفسه، عملنا بشكل وثيق مع قادة المجتمع المحلي في غزة، وكذلك مع الدول العربية في المنطقة. إذ لم يكن هناك سبيل لإحضار سفينة مليئة بالطعام إلى غزة دون القيام بذلك. وبهذه الطريقة قدمنا أكثر من 43 مليون وجبة في غزة، وقمنا بإعداد الطعام الساخن في 68 مطبخاً مجتمعياً حيث يقوم الفلسطينيون بإطعام الفلسطينيين. نحن نعرف الإسرائيليين. إن الإسرائيليين يعرفون جيداً أن الغذاء ليس سلاح حرب. واليوم فإن الحكومة الإسرائيلية بحاجة إلى فتح المزيد من الطرق البرية للغذاء والدواء. ويتعين عليها أن تتوقف عن قتل المدنيين وعمال الإغاثة، وبدء الرحلة الطويلة نحو تحقيق السلام.

في أسوأ الظروف، وبعد أسوأ هجوم إرهابي في تاريخها، حان الوقت لظهور أفضل ما في إسرائيل. لا يمكنك إنقاذ الرهائن بقصف كل مبنى في غزة. لا يمكنك الفوز في هذه الحرب بتجويع شعب بأكمله.

نحن نرحب بوعد الحكومة بإجراء تحقيق في كيفية وسبب مقتل أفراد من عائلة منظمة «وورلد سنترال كيتشن». يجب أن يبدأ هذا التحقيق من أعلى المسؤولين، وليس فقط من الأسفل. وعن قيام القوات الإسرائيلية بقتل أفراد من فريقنا، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: «إن ذلك يحدث في الحرب». لقد كان هجوماً مباشراً على مركبات تحمل علامات واضحة، وكان جيش الدفاع الإسرائيلي على علم بتحركاتهم. وكان ذلك أيضاً نتيجة مباشرة لسياسة أدت إلى تقليص المساعدات الإنسانية إلى مستويات يائسة.

كان فريقنا في طريقه بعد تسليم ما يقرب من 400 طن من المساعدات عن طريق البحر - وهي شحنتنا الثانية، بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة، وبدعم من قبرص وبتصريح من جيش الدفاع الإسرائيلي.

وعلى وجه التحديد، فإن أعضاء الفريق يعرضون حياتهم للخطر لأن هذه المساعدات الغذائية نادرة جداً وهناك حاجة ماسة إليها. وفقاً للمبادرة العالمية للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، فإن نصف سكان غزة - 1.1. مليون شخص - يواجهون خطر المجاعة الوشيك. ولم يكن الفريق ليتمكن من القيام بالرحلة لو كان هناك ما يكفي من الغذاء، ويسافر بالشاحنات عبر الأرض، لإطعام سكان غزة. إن شعوب البحر المتوسط والشرق الأوسط، وبغض النظر عن العرق والدين، تتقاسم ثقافة تقدر الطعام باعتباره تعبيراً قوياً عن الإنسانية وكرم الضيافة - وأملنا المشترك في غد أفضل.

هناك سبب، في هذا الوقت الخاص من العام، حيث يقوم المسيحيون بإعداد بيض عيد الفصح، ويأكل المسلمون بيضة في وجبات الإفطار، وتوضع بيضة على طبق عيد الفصح السيدر (طبق الفصح السيدر هو طبق خاص يحتوي على أطعمة رمزية يتم تناولها أو عرضها في عيد الفصح). يمتد رمز الحياة والأمل الذي يولد من جديد في الربيع عبر الأديان والثقافات. إن إطعام الغرباء ليس علامة ضعف، إنها علامة القوة.

خوسيه أندريس*

*طاهي إسباني-أميركي، ومؤسس منظمة «المطبخ المركزي العالمي»

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» .