لطالما حذَّر العلماء من أن يتسبَّب تدفق الجسيمات المشحونة في أثناء العواصف المغناطيسية الشمسية بإتلاف إلكترونيات الأقمار الصناعية، وتغيير مداراتها، وما لذلك من تأثيرات كارثية في البشرية، ذلك أن الأقمار الصناعية حيويَّة للاتصالات والبث والملاحة والاستشعار والمراقبة وتنبؤات الطقس، ويسفر تعطلها أو تدميرها عن عواقب وخيمة تطول مختلف القطاعات. وتشير تقارير، نُشرت أخيرًا، إلى تطوير بعض الدول سلاحاً فضائيّاً نوويّاً يدمر الأقمار الصناعية عن طريق إنشاء موجة ذات طاقة انفجارية هائلة مشابهة للعواصف المغناطيسية، وتعزز هذه التقارير أخطار حرب النجوم، التي سادت في ثمانينيات القرن الماضي، وتثير مخاوف سابقة من تعطُّل جزء كبير من الأقمار الصناعية التجارية والحكومية بسبب سباق التسلُّح في الفضاء.
وتُعد الأقمار الصناعية جزءاً لا يتجزأ من البنية التحتية العالمية للاتصالات، إذ توفّر خدمات رئيسية لا يمكن الاستغناء عنها، فمثلاً أصبحت أنظمة الملاحة عبر هذه الأقمار ركناً أساسيّاً في توجيه الطائرات والسيارات والسفن، وتؤدي الأقمار الصناعية دوراً حيويّاً في توقعات الطقس، عن طريق توفير مراقبة مستمرة للظروف الجوية، وحالة السحب، وأنماط المناخ. ويمكن أن تشكل الظواهر الجوية الشديدة، مثل الأعاصير والفيضانات، مخاطر كبرى للمجتمعات إذا لم توفر الأقمار الصناعية معلومات دقيقة وفورية عن الطقس. أما في القطاع العسكري، فتعتمد القوات العسكرية كثيراً على أنظمة الاتصال عبر الأقمار الصناعية في إجراء الاتصالات بطريقة آمنة وموثوق بها على امتداد مسافات طويلة، كما تُعد أدوات الملاحة الدقيقة أمراً أساسيّاً للعمليات العسكرية، ولا سيَّما حركة القوات، والدعم اللوجستي، والضربات الموجهة، وتساعد على تمكين القوات من التنقل بدقة، وتنفيذ المناورات، وتعزيز الثقة عند اتخاذ القرارات، فضلاً عن تمكين الجيوش من الحفاظ على التفوق التكتيكي.
وبوجه عام تُحدِث اضطرابات شبكات الأقمار الصناعية تأثيرات عميقة وواسعة النطاق في الوظائف المدنية والعمليات العسكرية، ما يؤكد دورها الحيوي في المجتمع الحديث. وبالرغم من عدم القدرة على التنبؤ بما ستؤول إليه حرب النجوم الجديدة، فإن من الأهمية بمكان الاستعداد لها، بهدف تقليل الآثار المتوقعة لتعطُّل خدمات الأقمار الصناعية، وذلك بتوفير أنظمة طارئة ومؤقتة ذات قابلية للتنفيذ الفوري عند الضرورة.
وتشمل الحلول المقترحة تعزيز القدرات الأرضية عن طريق رفع كفاءة نقل البيانات وسرعتها في كابلات الألياف الضوئية، وتطوير تركيبة مواد هذه الألياف لتوفير نطاقات أوسع من الإنترنت عالي السرعة، وخدمات الاتصالات والبث، وتوجيه الاستثمارات إلى بحوث منصات الارتفاع العالي، مثل المناطيد والطائرات المسيَّرة في طبقة «الستراتوسفير» من الغلاف الجوي، ذلك أن هذه الأفكار لم تنل حقها من التطوير والتفعيل في ظل وجود الأقمار الصناعية. أما الآن، فيمكن أن تحل محلها بصفتها محطات عاكسة لإشارات الاتصال، ما يوفر مزايا مماثلة للأقمار الصناعية في المديين القصير والمتوسط، وكذلك يمكن تثبيت أنظمة الاتصال والمراقبة والاستشعار على الطائرات التجارية لتوفير تغطية مؤقتة للملاحة المكانية، وتمكين الاستجابة للكوارث والحاجة المؤقتة إلى الاتصال. 
ونظراً لأن حياتنا اليومية تعتمد كثيراً على خدمات الأقمار الصناعية، فإن الاستثمار في الحلول البديلة لهذه الخدمات -إذا اشتدَّت حرب الفضاء- يمثّل توجهاً استراتيجيّاً للحكومات، وقطاعاً واعداً لرواد الأعمال.
* أستاذ مساعد في إدارة المشروعات بالجامعة البريطانية في دبي