في الفترة الأخيرة، شهدت منصة «تيك توك» الكثير من الجدل، حيث اقتربت الولايات المتحدة من حظرها في 13 مارس، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي وخصوصية البيانات، نتيجة ملكيتها الصينية. وأقر مجلس النواب مشروع قانون يلزم شركة ByteDance، المالكة لتيك توك، بتصفية أصولها المتعلقة بها خلال ستة أشهر أو المواجهة بالحظر، بسبب مخاوف المشرعين من قبل الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي» مشاركة تيك توك لبيانات المستخدم مع أطراف أخرى، ما يشكل تهديداً للأمن القومي. هذا الحظر يبرز أهمية فهم البيانات الضخمة ودورها الحيوي في منصات التواصل الاجتماعي.

تشمل البيانات الضخمة معلومات شاملة تنشأ بسرعة وتتطلب معالجة مبتكرة لتعزيز عمليات القرار، فمنصات وسائل التواصل الاجتماعي تولد كميات هائلة من البيانات في كل ثانية، بما في ذلك تفاعلات المستخدمين وإنشاء المحتوى ومقاييس التفاعل. ومع ذلك، يكمن التركيز الحاسم ليس فقط على حجم البيانات، بل أيضاً على تحليلات البيانات الضخمة، حيث يلعب ذلك دوراً حيوياً في تفسير هذه البيانات واستخلاص المعنى منها بطرق متعددة، مثل تحليل سلوك المستخدمين، واستهداف الإعلانات، ومراقبة الأداء.

وبما أن الولايات المتحدة تسيطر على معظم منصات وسائل التواصل الاجتماعي، فهي مدركة للأهمية الكبيرة لبيانات هذه المنصات ومخاطر تسريبها أو بيعها خاصة بعد تحليلها، مما أثار جدلاً حول حماية خصوصية المستخدمين، كما حدث مع منصة «فيسبوك»، التي سمحت بجمع بيانات من ملايين مستخدمي «فيسبوك» دون موافقتهم لاستخدامها في الإعلانات السياسية خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية. وعبر الرئيس السابق والمرشح «الجمهوري» الحالي، دونالد ترامب، عن قلقه إزاء تأثير تطبيق «تيك توك» على الأمن القومي، مما يجعل حظره يخدم مصلحة «فيسبوك»، مع اعتبار «فيسبوك» غير أمين ومضراً للبلاد، خاصةً في فترات الانتخابات. يُلاحَظ أنَّ الدول الكبرى تولي اهتماماً كبيراً لمراقبة البيانات الضخمة عبر منصات التواصل الاجتماعي.

فبينما تعتزم الولايات المتحدة حظر تطبيق تيك توك، تفرض الصين قيوداً على تطبيقات أميركية مثل جوجل ويوتيوب وواتساب ومنصة X وفيسبوك وأنستغرام بسبب عدم الامتثال للوائح البيانات. وعلى نفس النحو، حظرت الهند ونيبال تطبيق تيك توك بسبب مخاوف متشابهة تتعلق بالبيانات الضخمة والخصوصية والأمن القومي. مستقبل تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة يُعرض للمراجعة مع تقدُّم التشريعات في الكونغرس، مما قد يؤثر على ملايين المستخدمين الأميركيين ومنشئي المحتوى الذين يكسبون آلاف الدولارات في إنتاج مقاطع الفيديو.

لكن الأمر الحاسم سيتعلق بخصوص ملكية التطبيق ومكان تخزين البيانات، هل في الولايات المتحدة أم خارجها؟ ومع ذلك، يبقى السؤال الأساسي: كيف ستتصرف دول المنطقة في مواجهة صراع البيانات الضخمة على منصات التواصل الاجتماعي؟ تظهر هذه الحالة من الحظر أن البيانات معرضة للخطر أمام الدول القوية المُنتجة، مما يعزز الهيمنة سواءً من الشرق أو الغرب، ويؤكد على ضرورة تطوير التكنولوجيا وتعزيز الدفاعات ضد اختراق البيانات.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي