يمكن أن يكون الملياردير الأميركي «جيف بيزوس» مؤسس شركة أمازون ملهماً لكتابة رواية بعنوان «ألف كوكب وكوكب». ذلك أن «بيزوس» الذي استقال من رئاسة شركة أمازون، وتفرغ لشركته التي تعمل في مجال الفضاء، بات مهووساً بفكرة استيطان الكواكب الأخرى.
أسس بيزوس شركة «بلو أوريجين» للفضاء، وذلك لمنافسة شركة «سبيس اكس» التي يمتلكها الملياردير الشهير إيلون ماسك. ويتنافس الرجلان للتفوق في حقل الأقمار الصناعية والإنترنت العالمي، كما يتنافسان في صناعة الصواريخ الموجهة إلى الفضاء.
أراد بيزوس ألاّ ينتهي عام 2023 قبل أن يتحدث عن المستقبل البشري خارج الأرض، حيث توقع أن يعيش (1) تريليون إنسان في (1000) كوكب، بالإضافة إلى كوكبنا، وسوف يسكن كل كوكب نحو (1) مليار إنسان، وسيكون بإمكان البشر الذين سيتجاوز عددهم التريليون إنسان التجوال في ألف كوكب وكوكب، ألف كوكب جديد للسكن داخل المجرة وخارجها، وكوكبنا الحالي، والذي سيمثل في المستقبل موطن السكان الأصليين للكون!
يختلف جيف بيزوس عن ملايين الشغوفين بمعرفة أخبار الفضاء، واحتمالات الانتقال للعيش خارج الأرض، واحتمالات وجود كائنات عاقلة خارج الأرض، في أنه ليس فقط شغوفاً وهاوياً مثل هذه الملايين، بل إنه أسس شركة، وصنع صواريخ، وأطلق رحلات إلى حافة الغلاف الجوي، ثم إنه يمتلك عشرات المليارات التي سيتم تخصيصها لهذا الحلم البعيد.
يبدو أن تلسكوب «جيمس ويب» الذي يمثل أفضل ما أنتجه العالم في استكشاف الفضاء، يغازل أحلام البشر كلاعب ماهر في كرة القدم. فما إن تشير دلائل على إمكانية وجود حياة حتى تظهر دلائل مناقضة لذلك، وقد كان كوكب «ترابيست - 1 إي» نموذجًا لذلك الخبر الصادم بعدم وجود حياة على الكوكب بعد أن كان بعض العلماء شبه متأكدين من وجودها، وبالمقابل كوكب «كي 18 بي»، والذي أظهر جيمس ويب دلائل حياة عليه.
يبعد الكوكب الذي تم الرهان عليه سابقاً (40) سنة ضوئية عن الأرض، ويبعد الكوكب الذي يجري الرهان الجديد عليه (120) سنة ضوئية.
كم هي ممتعة أخبار الفضاء، وكم هو مثير سباق العلماء لسبْر أغوار الكون الشاسع. ويزداد التشويق مع كل احتمال لوجود حياة ثم نفى الاحتمال، ومع كل أمل في وجود مياه ثم زوال الأمل، ثم مع كل إشارات قادمة من الفضاء يجري الاعتقاد بأنها رسالة من الأشقاء الفضائيين، ثم يتضح أن الأمر ليس كذلك. لكن تلك المتعة لا يجب أن تنسف حقائق الأشياء. ليس لدينا كوكب ثانٍ، ولا بديل عن عالمنا، وإذا ما أخطأنا بتدميره، لن يكون هناك حلّ آخر.
يجب أن تستمر جهودنا لأجل معرفة مجموعتنا ومجرتنا وكوننا، ودراسة توسع أو انكماش الكون، وبحث فرضيات انبساطه أو انبعاجه، وتحليل صور الثقوب السوداء وابتلاع النجوم أو انطفائها. لكن ذلك لا يجب أن يشغلنا عن جدول أعمالنا الأرضي.. من المناخ إلى الأسلحة النووية، ومن أزمات الماء والدواء والغذاء إلى أهداف التنمية المستدامة.
لتكون عقولنا في الفضاء، ولتكن قلوبنا على الأرض.
*كاتب مصري